للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديثين على النجاسة اليابسة التي تزول بالدلك. وهو تأويل بعيد لا يتفق وإطلاق الحديث. وحمل النووي الأذى على ما يستقذر ولا يلزم منه النجاسة كمخاط ونخامة ونحوهما مما هو طاهر أو مشكوك فيه (١) وحمله بعض الحنبلية على يسير النجاسة يكون على أسفل الخف والحذاء بعد الدلك فإنه يعفي عنه (٢).

(والراجح) القول بعدم الفرق بين النجاسة الرطبة واليابسة والمرئية بعد الجفاف وغيرهما لعموم الأحاديث ودعوى التخصيص بالجافة أو المرئية لا دليل عليها.

(والظاهر) أن الحديثين محمولان على الأرض الرملية الصحراوية والجبلية كجزيرة العرب فإن النعال بها لا تتشرب النجاسة وإذا علقت بها يزيلها الدلك وإن بقي منها أثر كان يسيراً يعفي عنه. أما النعال والأحذية يوطأ بها أرض المدن والأمصار والقرى غير الرملية فتتشرب النجاسة وتعلق بها فلا يزيلها الدلك وإن أزال بعض ما علق بها لا يزيل ما تشربته بحال فلا تطهر به.

(ويؤيده) صدر حديث أبي سعيد قال: بينما النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى القوم ذلك ألقوا نعالهم فلما قضى النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاته قال: ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟ قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً (الحديث (٣)).


(١) انظر ص ٥٩٩ ج ٢ مجموع النووي.
(٢) انظر ص ١٣٧ ج ١ كشاف القناع (ولا يعفي عن يسير نجاسة).
(٣) (الحديث) تقدم تمامه رقم ٤٥٩ ص ٤٠٦ (تطهير الخف ونحوه) ومما ذكر يعلم بطلان ما يقع من بعض الناس يدخلون بيوت الخلاء ويسيرون في الطرقات الممتلئة بالقاذورات وقد تلوثت نعالهم وتشربت النجاسات ثم يأتي أحدهم مكان الصلاة ويدلك أسفل النعل ثم يصلي به زاعماً أنه يعمل بالحديث وصاحب الحديث منه بريء فحسبنا الله ونعم الوكيل.