للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مطلقا بشيء، فإن الواجب عليه فعل هذا الشيء مرة واحدة فقط،

وتبرأ ذمته.

اعتراض على ذلك:

قال قائل - معترضا -: إن الأمر في اليمين والتوكيل يقتضي

التكرار من جهة اللغة، ولكن تركنا مقتضى اللغة بالشرع، ولا يمتنع

أن يكون اللفظ في اللغة يقتضي أمراً، ثم يقرر الشرع فيه غير مقتضاه

في اللغة، كما لو حلف وقال: " والله لا آكل الرؤوس "، فإنه

يعم في اللغة كل رأس، وفي الشرع يُحملَ على رؤوس الغنم.

جوابه:

لا نسلم أن الشرع يغير مقتضى اللغة، وإنما الشرع يُقرر اللغة،

ويضيف إليها حكما زائداً، بدليل: أنه لو قال: " افعل ذلك أبداً "

أو قال: " طلق زوجتي ما أملكه ": لم يقطعه الشرع عن مقتضاه

في اللغة، فلا يقطعه عن التكرار، أما مسألة الرؤوس فلا نسلمها؛

حيث إنه يحمل على مقتضاه في اللغة.

الدليل الثالث: أن السيد لو قال لعبده: " ادخل الدار ".

فإنه لو دخل مرة واحدة، ثم خرج: لخرج عن العهدة، ولا

يجوز لومه، ولا توبيخه، ولو أن السيد لام عبده بسبب أنه لم

يدخل مرة ثانية وثالثة لخطأه العقلاء من أهل اللغة؛ لأنه بدخوله مرة

واحدة يكون قد امتثل الأمر، والصيغة لا دلالة فيها على العدد.

المذهب الثاني: أن الأمر المطلق يقتضي التكرار.

وهو مذهب بعض الشافعية كالأستاذ أبي إسحاق، وهو رواية عن

الإمام أحمد، وهو اختيار بعض الحنابلة كالقاضي أبي يعلى، وهو

قول جماعة من الفقهاء والمتكلمين.