للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاتِّصالُ حتى يثبُتَ فيها غيرُ ذلك، ومثلُ هذا عن العلماءِ كثيرٌ. وسنذكُرُ هذا الحديثَ بطُرُقِه عند ذكْرِ حديثِ المُغيرة بنِ شُعبة، في باب: ابن شِهاب، عن عبادِ بنِ زِيادٍ، إن شاء اللَّه.

وأما التَّدْليس (١)، فهو أن يُحدِّثَ الرجلُ عن الرجلِ قد لَقِيَه وأدرَك زَمانَه وأخَذ عنه وسَمِع منه، وحدَّث عنه بما لم يَسْمَعْه منه، وإنَّما سمِعه من غيرِه عنه، ممّن تُرْضَى حالُه أو لا تُرْضَى، على أنَّ الأغلَبَ في ذلك أن لو كانت حالُه مَرْضِيّةً لذكَره، وقد يكونُ لأنَّه اسْتَصغَرَه. هذا هو التَّدْليسُ عند جماعتِهم، لا اختلافَ بينَهم في ذلك. وسنُبيِّنُ معنى التَّدْليسِ بالأخبارِ عن العلماءِ في البابِ بعدَ هذا إن شاء اللَّه.

واختَلفوا في حديثِ الرجُلِ عمَّن لم (٢) يَلْقه؛ مثل: مالكٌ، عن سعيدِ بنِ المسيِّب. و: الثَّوريُّ، عن إبراهيمَ النَّخَعيِّ. وما أشبهَ هذا، فقالت فِرقةٌ: هذا تَدْليس؛ لأنهما لو شاءا لسَمَّيا مَن حدَّثهما، كما فعَلا في الكثير ممّا بلَغهما عنهما. قالوا: وسكوتُ المُحدِّثِ عن ذِكرِ مَن حدَّثه مع علْمِه به دُلْسَةٌ (٣).


(١) مبحث التدليس تجده عند: الحاكم في معرفة علوم الحديث (١٠٣ - ١١٢)، والخطيب في الكفاية ٢/ ٣٦٧ - ٤٠٢، وابن الصلاح في علوم الحديث (٧٣ - ٧٦)، وابن دقيق العيد في الاقتراح (٢١٧ - ٢٢٢)، والذهبي في الموقظة (٤٧ - ٥١)، والزركشي في النكت ٢/ ٦١٢ - ٦٨٢، والعراقي في التقييد والإيضاح ١/ ٤٤٦ - ٤٥٧، وابن حجر في النكت ٢/ ٦١٤ - ٦١٥، والسخاوي في فتح المغيث ١/ ٣١٣ - ٣٤٢، والسيوطي في تدريب الراوي ٢/ ٢٥٦ - ٢٦٧، والأنصاري (١٦٤ - ١٧٠).
(٢) "لم" سقطت من ف ١.
(٣) وكل هذا عند العلماء في حكم الضعيف، ويدلُّ على ذلك ما أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه الكبير، السفر الثالث ٢/ ٣٤٥ (٣٢٨٤)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ١/ ٢٤٤ - ٢٤٥ بإسناديهما عن عليّ بن المديني، قال: سمعت يحيى بن سعيد (يعني القطان) يقول: مالك، =

<<  <  ج: ص:  >  >>