للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثالثٌ لمحمدِ بن يحيى بن حَبّان

مالكٌ (١)، عن محمدِ بن يحيى بن حَبّان، عن الأعْرَج، عن أبي هُريرةَ، أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عن صيام يومَينِ: يوم الفِطْرِ، ويوم الأضْحَى.

قال أبو عُمر: قد مَضَى القولُ في معنى هذا الحديثِ، في بابِ ابن شِهاب، عن أبي عُبَيدٍ.

وصيامُ هَذينِ اليومينِ، لا خِلافَ بين العُلماء في (٢) أنَّهُ لا يجُوزُ على حالٍ من الأحْوال، لا لمُتطوِّع، ولا لناذِرٍ، ولا لقاضٍ فرضًا، ولا لمُتمتِّع لا يجِدُ هديًا، ولا لأحَدٍ من النّاسِ، كلِّهِم أن يُصومهُما، وهذا إجماعٌ لا تنازُعَ فيه، فارتفَعَ القولُ في ذلك، وهُما يومانِ حرامٌ صيامُهُما، فمَنْ نذَرَ صيامَ واحِدٍ منهُما، فقد نذرَ مَعْصيةً، وثبتَ عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّهُ قال: "من نذَرَ أن يَعْصي الله، فلا يَعْصِهِ" (٣).

ولو نذَرَ ناذِرٌ صيامَ يوم بعينِه، أو صيامًا بعَيْنِه (٤)، مِثلَ صيام سَنة بعَيْنِها، وما كان مِثلَ ذلكَ، فوافقَ ذلك يومَ فِطرٍ أو أضحًى، فأجمعُوا أن لا يَصومهُما، واختَلفُوا في قَضائهِما، ففي أحَدِ قوليِ الشّافِعيِّ، وزُفَر بن الهُذيل، وجماعَة: ليسَ عليه قَضاؤُهُما. وهُو قولُ ابن كِنانةَ صاحِبِ مالك (٥).

وقال أبو حنيفةَ، وأبو يُوسُف، ومحمدٌ: يَقْضيهُما. وهُو قولُ الحسنِ بن حيٍّ، والأوزاعيِّ، وآخِرُ قولي الشَّافِعيِّ.

وقد رُوِيَ عن الأوزاعيّ: أنَّهُ يَقْضيهُما، إلّا أن ينوي أن لا يَقْضيَهُما، ولا يصُومَهُما.


(١) الموطأ ١/ ٤٠٣ (٨٢٥).
(٢) سقط حرف الجر من م.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٦١١ (١٣٦٥).
(٤) قوله: "صيامًا بعينه" سقط من ظا.
(٥) انظر: الاستذكار ٣/ ٣٣٢، وانظر فيه أيضًا ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>