للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلفَ العلماءُ في أكلِ الثُّوم؛ فذهَبت طائِفةٌ مِن أهلِ الظَّاهرِ (١) القائلين بوجوبِ الصلاةِ في الجماعةِ فرضًا إلى تحريم أكلِ الثُّوم في وقتٍ يُوجَدُ ريحُه منه في المسجدِ، وقالوا: نَهْيُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- عن أكلِ الثّوم نهيُ تحريم، فلا يجوزُ لأحَدٍ أكلُه؛ لأنّه لا يجوزُ لأحدٍ التأخُّرُ عن صلاةِ الجماعةِ إذا كان قادرًا على شُهُودِها، ولا يحلُّ له التَّخلُّفُ عنها إذا سمِع النداءَ بها مع الاسْتِطاعَةِ على المشي إليها. قالوا: وكُلُّ مَنعْ مِن إتيانِ الفرضِ والقيام به، فحرامٌ عملُه والتشَاغُلُ به، كما أنّه حرامٌ على الإنسانِ فِعلُ كلُّ ما يمنعُه مِن مُشاهدةِ الجمُعةِ. واحتجُّوا بأن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قد سمّاها خبيثةً، واللهُ عزَّ وجلَّ قد وصَف نبيَّه عليه الصلاةُ والسلامُ بأنه يحرِّمُ الخبائثَ. وذكروا حديثَ يحيى بنِ سعيدٍ، عن نافع، عن ابنِ عمرَ، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، أنه (٢) قال: "مَن أكَل مِن هذه الشجرةِ الخبيثةِ، فلا يَقْربنَّ مسجدَنا" (٣)،


= وهذا الحديث أخرجه الحميديّ في مسنده (٧٦٠)، وابن أبي شيبة في المصنّف (٢٢٠٣٩)، وأحمد في المسند ٢٠/ ١٥٤ (١٨٢١٤) ثلاثتهم عن وكيع بن الجرّاح، عن طُعمة بن عمرو الجَعْفريّ، عن عمر بن بيان التَّغلبيَ، عن عروة بن المغيرة الثَّقفيّ، عن أبيه.
وهو عند الدارمي في سننه (٢١٠٢)، وأبي داود في سننه (٣٤٨٩) من طريقين عن طعمة بن عمرو الجعفريّ، به.
وإسناده ضعيف لأجل عمر بن بيان التَّغلبي فهو مجهول الحال، روى عنه اثنان فقط، وذكره ابن حبان وحده في الثقات، وقال أحمد: لا أعرفه، وقال أبو حاتم: معروفٌ (يعني: معروف العين) كما في تحرير التقريب (٤٨٦٩)، ويأتي رجاله ثقات.
(١) ينظر المحلّى لابن حزم (مسألة: ومَنْ أكل ثومًا أو بصلًا أو كُرّاثًا) ٤/ ٤٨.
(٢) قوله: "أنه" لم يرد في د ١.
(٣) بهذا اللفظ أخرجه البخاري (٨٥٣)، وهو عند مسلم (٥٦١) (٦٨) بلفظ "فلا يأتيَنَّ المساجد" كلاهما من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، به.
وكذا أخرجه ابن حزم في المحلّى ٤/ ٤٨ بلفظ مسلم تحت (مسألة من أكل ثومًا أو بصلًا أو كُرّاثًا) ولم نقف عليه من طريق يحيى عن نافع كما ذكر المصنِّف.

<<  <  ج: ص:  >  >>