للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد جيرانِ المسجِدِ، وأرادُوا إخرَاجَه عن المسجدِ وإبْعادَه عنه، كان ذلك لهم ما كانت العِلَّةُ موجُودَةً فيه حتى تَزُولَ، فإذا زالت بإفاقَةٍ أو توبةٍ أو أيِّ وجْهٍ زالت، كانَ له مُراجَعَةُ المسجد. وقد شاهَدتُ شيخَنا أبا عمرَ أحمدَ بنَ عبدِ الملِكِ بنِ هاشِم رَحِمه اللهُ، أفتى في رَجُلٍ شَكاه جِيرانُه، وأثبتُوا عليه أنّه يُؤْذيهم في المسجِدِ بِلسَانِه ويَدِه، فشُووِرَ فيه، فأفتَى بإخراجِه عن المسجدِ وإبعادِه عنه، وأن لا يُشَاهِدَ معهم الصلاةَ؛ إذْ لا سبيلَ مع جُنونِه واستطالتِه إلى السلامَةِ منه، فذاكرتُه يومًا أمْرَه، وطالبتُه بالدَّليلِ فيما أفتَى به مِن ذلك، وراجَعْتُه فيه القولَ، فاسْتَدَلَّ بحِدِيثِ الثُّوم، وقال: هو عندي أكثرُ أذًى مِن اَكِلِ الثُّوم، وصاحبُه يُمنَعُ مِن شُهودِ الجماعةِ في المسجدِ. وذكر الحديثَ أنّه كان إذا وُجِد مِن أحدٍ ريحُ ثوم في مسجدِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أُخرج عنه، ورُبَّما أُبْعِدَ حتى يُبلَغَ به البَقِيعُ. أخبرنا محمدُ بنُ إبراهيمَ بنِ سعيدِ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ مُعاوية بنِ عبدِ الرحمنِ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ شُعَيبٍ، قال (١): أخبرنا محمدُ بنُ المُثنى، قال: حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، قال: حدَّثنا هِشَالم، قال: حدَّثنا قتادَةُ، عن سالم بنِ أبي الجعْدِ، عن معدَانَ بنِ أبي طلحة، أن عمرَ بنَ الخطابِ، قال: إنكم أيُّها الناسُ تأكُلُون مِن شجَرَتَيْن ما أرَاهُما إلّا خَبِيثَتيْنِ؛ هذا البَصَلُ والثُّومُ، ولقد رأيتُ نبيَّ الله -صلى الله عليه وسلم- إذا وجَد ريحَها مِن الرجلِ، أَمَرَ به فأُخرِجَ إلى البَقيع، فمَن أكلَها فليُمِتْهما طبخًا.


(١) في الكبرى ١/ ٣٩٢ (٧٨٩)، وهو في المجتبى (٧٠٨). وأخرجه مسلم (٥٦٧) عن محمد بن المثنّى، به.
وهو عند أحمد في المسند ١/ ٣١٧، ٣١٨ (١٨٦) عن يحيى بن سعيد، به. وهشام المذكور في الإسناد: هو ابن عبد الله الدَّستوائيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>