للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حليفًا لبَني زُهْرةَ: أخُفِّفتِ (١) الصَّلاةُ أم نَسِيتَ؟ فقال النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما يقولُ ذُو اليدينِ؟ " فقالوا: صدَقَ يا نبيَّ الله، فأتمَّ بهمُ الرَّكْعتينِ اللَّتينِ نقَصَ. قال الزُّهْريُّ: وكان ذلكَ قبل بدرٍ، ثُمَّ استحكمتِ الأمُورُ بعدُ. هكذا يقولُ ابن شِهاب، أنَّ ذلكَ قبل بَدْرٍ، وأنَّهُ ذُو الشِّمالينِ.

وقد ثبَتَ عن أبي هُريرةَ من رِوايةِ مالكٍ، وغيرِهِ من وُجُوهٍ كثيرةٍ، غيرُ ما ذُكِرَ في ذلكَ كلِّهِ. وقد أوْضَحنا ذلكَ كلَّهُ، وشَرَحناهُ، وبَسْطناهُ في بابِ أيُّوبَ، من كِتابِنا هذا، فأغْنَى عن إعادتِهِ هاهُنا.

ولم نذكُر في بابِ أيُّوبَ اختِلافِ العُلماءِ في كيفيةِ السَّلام من الصَّلاةِ، ونذكُر هُنا، لقولِهِ في هذا الحديثِ: "فسلَّمَ من اثنتينِ". ولقولِهِ في آخِرِهِ: "فأتمَّ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما بَقِيَ من الصَّلاةِ، ثُمَّ سلَّمَ".

اختلفَ العُلماءُ قديمًا وحديثًا في كيفيَّةِ السَّلام من الصَّلاةِ، واختلَفتِ الآثارُ في ذلكَ أيضًا، واختلفَ أئمَّةُ الفَتْوى بالأمصارِ في وُجُوهِ السَّلام من الصَّلاةِ، وهل هُو من فُرُوضِها، أم لا.

فقال مالكٌ وأصحابُهُ، واللَّيثُ بن سَعْدٍ: يُسلِّمُ المُصلِّي من الصَّلاةِ، نافِلةً كانت أو فَرِيضةً، تَسْليمةً واحِدةً: السَّلامُ عليكُم، ولا يَقُل: ورحمةُ الله (٢).

وقال سائرُ أهلِ العِلم: يُسلِّمُ تَسْليمتينِ، الأُولى عن يمينِهِ، يقولُ فيها: السَّلامُ عليكُم ورحمةُ الله. ومِمَّن قال بهذا كلِّهِ: سُفيانُ الثَّوريُّ، وأبو حَنِيفةَ، وأصحابُهُ، والشّافِعيُّ، وأصحابُهُ، والحَسَنُ بن حيٍّ، وأحمدُ بن حَنْبل، وأبو ثَوْرٍ، وأبو عُبيدٍ، وداودُ بن عليٍّ، وأبو جَعْفرٍ الطَّبريُّ (٣).


(١) في م: "أخفت".
(٢) انظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢١٩ - ٢٢٠، وهو مذهب الشافعي في القديم، كما في الحاوي الكبير ٢/ ١٤٥.
(٣) انظر: جامع الترمذي بإثر رقم (٢٩٥)، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٢١٩، والاستذكار ١/ ٤٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>