للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا تَرى أنَّهُ لو تُرِكَ البائعُ مع أوَّل مُساوِم، لأخذَ السِّلعةَ بما شاءَ، ولكان في ذلك ضَررٌ بيِّنٌ داخِلٌ على النّاسِ.

وقد فسَّرَ مالكٌ، والشّافِعيُّ، وأبو عُبيدٍ هذا الحديثَ، بمعنى ما ذَكَرْنا، ومعلُومٌ أنَّ الحالَ التي أجازَ فيها رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "الخِطْبةَ لأُسامةَ في الحديثِ المذكُورِ، غيرُ الحالِ التي نَهَى أن يخطُب فيها الرَّجُلُ على خِطْبةِ أخيهِ، وإذا كان ذلكَ كذلكَ، فالوَجْهُ فيه ما وصفنا، إن شاءَ اللهُ تعالى.

حَدَّثَنَا عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قال: حَدَّثَنَا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بن شاذان، قال: حَدَّثَنَا المُعلَّى بن منصورٍ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيثُ بن سَعْدٍ، عن أبي الزُّبيرِ قال: سألتُ عبد الحميدِ بن عبدِ الله بن أبي عَمرِو بن حَفْصٍ، عن طلاقِ جدِّهِ فاطِمةَ بنت قَيْسٍ، فقال عبدُ الحميد: طلَّقها البتَّة، ثُمَّ خرجَ إلى اليمنِ، وذكر الحديث، وفيه: فانْتَقَلتْ إلى ابن أُمِّ مكتُوم، حتَّى حلَّتْ، فخَطَبها مُعاويةُ بن أبي سُفيانَ، وأبو جَهْم بن حُذَيفةَ، فذَكَرتْ ذلكَ لرسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: "أمّا مُعاويةُ، فغُلامٌ من غِلْمانِ قُرَيشٍ لا يملكُ شيئًا، وأمّا أبو جَهْم بن حُذَيفةَ، فإنِّي أخافُ عَليكِ عَصاهُ، ولكنْ إن شِئتِ دَلَلتُكِ على رَجُل: أُسامةَ بن زيدٍ". قالت: نعَمْ يا رسُولَ الله، فزوَّجها أُسامةَ بن زَيْد (١).

ففي هذا الحديثِ أوضحُ الدَّلالةِ على معنَى النَّهي أن يخطُبَ الرَّجُلُ على خِطْبةِ أخيهِ، وأنَّ الوَجْهَ فيه ما ذكَرْنا، واللّه أعلمُ.

وذكَرَ ابنُ وَهْبٍ قال: أخبرني مَخْرمةُ بن بُكَيرٍ، عن أبيهِ، عن عُبيدِ الله بن سعْدٍ، عن الحارِثِ بن أبي ذُباب: أنَّ جريرًا البَجَليَّ أمرهُ عُمرُ بن الخطّابِ أن يخطُبَ


(١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٣/ ٦٥، من طريق الليث، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>