للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: ذلك (١) عِندِي على أنَّهُ لَمْ يذكُرِ الرَّجُل المُرسِلَ لهُ، ولو ذكَرهُ، وذكَرَ نفسهُ، لَمْ يكُن بذلكَ بأسٌ، على حديثِ عُمر المذكُورِ، واللّه أعلمُ.

ولم يختلفِ العُلماءُ في أنَّهُ إذا لَمْ يكُنْ رُكُونٌ ولا رِضًى، أنَّ النِّكاحَ جائزٌ.

واختلفُوا إذا وقَعَ النِّكاحُ مع الثّاني، بعد الرُّكُونِ إلى الأوَّل والرِّضى به.

فقولُ مالكٍ ما ذكَرْنا، وقد رُوِيَ عنهُ: أنَّهُ يُفسَخُ على كلِّ حال. ورُوي عنهُ: أنَّهُ لا يُفسَخُ أصلًا. وهُو قولُ أبي حنيفةَ وأصحابِهِ.

وقولُ الشّافِعيّ: أنَّهُ لا يُفسَخُ. واختُلِفَ عنهُ: هل هُو عاصٍ بفِعلهِ ذلكَ، أم لا؟

وقال داودُ: يُفسَخُ النِّكاحُ على كلِّ حال.

وقال ابنُ القاسم: إذا تزوَّجَ الرَّجُلُ المرأةَ، بعدَ أن ركَنَتْ إلى غيرِهِ، فدخَلَ بها، فإنَّهُ يتَحلَّلُ الذي خَطَبها عليه، ويعرِّفُهُ بما صنَعَ، فإن حلَّلهُ، وإلّا فلْيستغفِر (٢) الله من ذلك، وليسَ يَلْزمُهُ طلاقُها، وقد أثِمَ فيما قد فعَلَ (٣).

وقال ابنُ وَهْب: إن لَمْ يجعلهُ الأوَّلُ في حِلٍّ مِمّا صنَعَ، فليُطلِّقها، فإن رغِبَ فيها الأوَّلُ وتَزوَّجها، فقد برِئَ (٤) هذا من الإثم، وإن كرِهَ تَزْويجها، فليُراجِعها الذي فارَقَها بنِكاح جديدٍ، وليسَ يُقْضَى عليه بالفِراقِ.

وقال ابنُ القاسم: إنَّما معنَى النَّهي - في أن يخطُبَ الرَّجُلُ على خِطْبةِ أخيهِ -: في رَجُلينِ صالحَينِ، وأمّا إذا كان الذي خَطَبها أوَّلًا، فرَكَنت إليه، رجُلَ سُوءٍ،


(١) في ظا: "هذا"، والمثبت من الأصل وغيره.
(٢) في الأصل: "فليتق"، والمثبت من ظا ويعضده ما في الاستذكار.
(٣) انظر: الاستذكار ٥/ ٣٨٤، وانظر فيه أيضًا ما بعده.
(٤) في الأصل زاد هنا "في"، والمثبت موافق لما في الاستذكار.

<<  <  ج: ص:  >  >>