للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا خِلافُ الأوَّل، إلّا أنِّي أحسبُ أنَّهُ جعلَ الاثنينِ والخميسَ، كمن نذرَ صيامَ سَنةٍ بعَيْنِها. والجوابُ الأوَّلُ في سَنةٍ بغير عينِها (١).

والقياسُ أن لا قَضاءَ في ذلكَ؛ لأنَّ من نذرَ صومَ يوم بعينِهِ أبدًا، لا يخلُو أن يدخُلَ يومُ الفِطْرِ والأضحى في نَذرِهِ، أو لا يدخُلَ، فإن دخلَ في نَذْرِهِ، فلا يَلْزمُهُ، لأنَّ من قصدَ إلى نَذرِ صَوْمِهِ، لم يلزمهُ (٢)، ونَذْرُه (٣) ذلكَ باطِل، وإن لَمْ يدخُل في نَذْرِهِ، فهُو أبعدُ من أن يجِب عليه قَضاؤُهُ.

وعلى ما ذكَرْنا، يسقُطُ الاعتِكافُ عمَّن نذرَ يوم الفِطْرِ ويوم النَّحرِ، عِندَ من يقولُ: لا اعتِكافَ إلّا بصوم.

وقدِ اختُلِفَ عن مالكٍ في هذه المسألةِ، فرُوِيَ عنهُ: أنَّهُ إنِ اعتكفَ يُجزِئهُ.

ورُوي عنهُ: أنَّهُ لا يَعْتكِفه، ولا شيءَ عليه، لأنَّهُ لا اعتِكافَ إلّا بصوم. وهُو الصَّحيحُ على أصلهِ.

وقال الشّافِعيُّ (٤): من نذَرَ اعتِكافَ يوم الفِطْرِ أو يوم النَّحرِ، اعتكفَهُ ولم يَصُمْ، وأجزأهُ. وهُو قولُ كلِّ من يَرى الاعتِكافَ جائزًا بغيرِ صَوْم.

وقال محمدُ بن الحسن: يَعْتكِفُ يومًا مكانهُ، إذا جعَلَ ذلك على نفسِهِ، ويُكفِّرُ مكانه عن يَمينِهِ، إن أراد يمينًا.

وقد مَضَى القولُ في حيام أيّام التَّشريقِ، في بابِ مُرسل ابن شِهاب، من هذا الكِتابِ، والحمدُ للّه.


(١) في م: "بعينها". بدل: "بغير عينِها".
(٢) في ظا: "فلا يلزمه".
(٣) في الأصل، م: "نذر".
(٤) الأم ٢/ ١١٨، والحاوي الكبير ٣/ ٤٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>