للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذكرَ ابنُ وَهْبِ، عن مالكٍ واللَّيثِ بن سَعدٍ: أنَّهُما كانا يَكْرهانِ الشُّربَ والأكلَ في القَدَحِ المُضبَّبِ بالفِضّةِ، والصُّحْفةِ التي قد ضُبِّبَتْ بالوَرِقِ.

وقال ابنُ القاسم، عن مالكٍ: لا أُحِبُّ أن يدَّهِنَ أحدٌ في مَداهِنِ الوَرِقِ، ولا يستجمِرَ في مجامِرِ الوَرِقِ.

قال: وسُئلَ مالكٌ عن ثُلمةِ القدح، وما يَلي الأُذُنَ، فقال مالكٌ: قد سمِعتُ سماعًا -كأنَّهُ يُضعِّفُهُ- وما عَلِمتُ فيه بنَهي.

وقال الشّافعيُّ: أكرَهُ المُضبَّب بالفِضّةِ، لئَلّا يكون شارِبًا على الفِضّةِ.

وقال أبو حنِيفةَ وأصحابُهُ: لا بأسَ أن يشربَ الرَّجُلُ في القَدحِ المُفضَّضِ، إذا لم يجعل فاهُ على الفِضّةِ، كالشُّربِ بيدِهِ وفيها الخاتمُ.

قال أبو عُمر: اختلَفَ السَّلفُ أيضًا في هذه المسألةِ، على نحوِ اختِلافِ الفُقهاءِ.

فرَوَى خُصَيفٌ، عن نافع، عنِ ابنِ عُمرَ: أنَّهُ لم يشرَبْ في القَدَحِ المُفضَّضِ، لمّا سمِعَ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- ينْهَى عنِ الشُّربِ في آنِيةِ الفِضّةِ والذَّهبِ (١).

هكذا قال خُصيفٌ في هذا الحديثِ: لمّا سمِعَ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم-. وزاد فيه: الذَّهبَ. وقولُهُ: لمّا سمِعَ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم-. خطأٌ، وصوابُهُ: لمّا سمِعَ أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عنِ الشُّربِ في آنِيةِ الفِضّةِ والذَّهبِ.

ورَوَى ابنُ عونٍ، عنِ ابنِ سِيرِينَ، عن أبي عَمرٍو مولى عائشةَ، قال: أبَتْ عائشةُ أن تُرخِّصَ لنا في تَفضِيضِ الآنِيةِ (٢).


(١) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار ٤/ ٤٣ (١٤١٦)، والبيهقي في الكبرى ١/ ٢٩، من طريق خصيف، به.
(٢) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار ٤/ ٥١، من طريق ابن سيرين، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>