للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونبسُطُ بعضهُ، وقَعْبٌ (١) نشربُ فيه الماءَ. فقال: "ائتِني بهما". فأتاهُ بهما (٢)، فأخَذَهُما رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بيدِهِ، وقال: "من يَشْترِي هذينِ؟ "، فقال رجُل: أنا آخُذُهُما بدِرهم. قال: "من يزِيدُ على دِرْهم؟ ". مرَّتينِ أو ثلاثًا، قال رجُل: أنا آخُذُهُما بدِرْهمينِ. فأعطاهُما إيّاهُ، وأخذ الدِّرهمينِ فأعطاهُما الأنْصارِيَّ، وقال: اشْترِ بأحَدِهِما طعامًا، فانبِذهُ إلى أهلِكَ، واشْترِ بالآخرِ قَدُومًا، وائتِني، فأتاهُ به، فشَدَّ فيه رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عُودًا بيدِهِ، ثُمَّ قال لهُ: "اذهَبْ فاحْتَطِب وبِعْ، ولا أراكَ خَمْسةَ عشَرَ يومًا". فذهَبَ الرَّجُلُ يَحْتطِبُ ويبِيعُ، فجاءَ وقد أصابَ عَشَرةَ دراهِمَ، فاشْتَرَى ببعضِها ثوبًا، وببعضِها طَعامًا، فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا خيرٌ لكَ من أن تجِيءَ المسألةُ نُكْتةً في وجهِكَ يومَ القِيامَةِ، إنَّ المسألةَ لا تصلُحُ إلّا لثلاثٍ: لذي فقْرٍ مُدقِع، أو لذي غُرم مُفْظِع، أو لذي دَم مُوجِع".

قال أبو عُمر: الدَّمُ المُوجِعُ: الحَمالةُ في دم الخطأ.

والفقرُ المُدقِعُ: الذي أفْضَى بصاحِبه إلى الدَّقعاءِ، وهي التُّرابُ، كأنَّهُ ألصقَ ظهرهُ بالأرضِ من الفَقرِ، وهُو مِثلُ قولِ الله عزَّ وجلَّ: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: ١٦].

وقد فسَّرنا معنى المِسْكِينِ والفَقِيرِ، فيما تقدَّمَ من حديثِ أبي الزِّنادِ، في كِتابِنا هذا والحمدُ للّه.

أخبَرنا سعِيدُ بن نصرٍ، قال: حدَّثنا ابنُ أبي دُلَيم، قال: حدَّثنا ابنُ وضّاح، قال: حدَّثنا نصرُ بن المُهاجِر، قال: حدَّثنا الضَّحّاكُ بن مَخْلَدٍ، عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ


(١) القَعْب: القدح الضخم. انظر: لسان العرب ١/ ٦٨٣.
(٢) قوله: "فأتاه بهما" سقط من ي ١، ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>