للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: أما أنا فلا أفْعَلُه، أخلَعُ نَعْلَيَّ على حديث بشير. قال: وقد تأوَّل بعضُ الناس: "إنّه ليسمَعُ خَفْقَ نِعالهم".

وقال أبو عبد اللَّه: الأسودُ بنُ شيبانَ ثقةٌ، وبشيرُ بنُ نَهيكٍ ثقةٌ روى عنه عدّةٌ (١). قلت له: روى عنه النضرُ بنُ أنس، وأبو مِجْلَز (٢)، وبرَكة؟ (٣) قال: نعم.

قال الأثرم: حدَّثنا عفّانُ (٤) وسليمانُ بنُ حرب -وهذا لفظ عفان- قال: حدَّثنا الأسودُ بنُ شيبان، قال: حدَّثنا خالدُ بنُ سُمَيْر، قال حدَّثني بشيرُ بنُ نَهيك، عن بشيرٍ، قال: بينما أنا أُماشي رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنا على قبور المسلمين، فقال: "لقد أدرَك هؤلاء خيرًا كثيرًا". ثم حانَت من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نظرةٌ، فإذا برجلٍ يَمشي في القبور عليه نَعْلاه، فناداه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا صاحب السِّبْتيَّتَيْن، ويْحَكَ ألقِ سبْتِيَّتَيْكَ". فنظر الرجلُ، فلما عرف رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خلَع نعليه فرمَى بهما (٥).

قال: وحدَّثنا عفان، قال: حدَّثنا حمادُ بنُ سلمةَ، قال: أخبرنا محمدُ بنُ عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنه ليسمَعُ خَفْقَ نِعالِهم إذا وَلَّوا" (٦). قال: ورأيتُ أبا عبد اللَّه عندَ المقابر مُعلِّقًا نعْلَيهِ بيدِه.


(١) رواية الأثرم عن أحمد وتوثيقه لبشير بن نهيك ذكرها الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب ١/ ٤٧٠.
(٢) هو لاحق بن حُميد السَّدوسيّ البصريّ.
(٣) هو بركة المجاشعيّ، أبو الوليد البصري.
(٤) هو عفّان بن مسلم الصفّار.
(٥) وأخرجه أبو داود (٣٢٣٠)، وابن قانع في معجم الصحابة ١/ ٨٨ - ٨٩، والبيهقي في الكبرى ٤/ ٨٠ (٧٤٦٧)، والحاكم في المستدرك ١/ ٣٧٣ من طرق عن الأسود بن شيبان، به.
(٦) أخرجه أحمد في المسند ١٤/ ٢٣٣ - ٢٣٤ (٨٥٦٣) عن عفّان بن مسلم الصفّار، به. وهذا إسنادٌ حسنٌ لأجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي، فهو صدوقٌ حسنُ الحديث كما في تحرير التقريب (٦١٨٨)، وباقي رجال إسناده ثقات. وقد اختُلف على محمد بن عمرو في رفعه ووقفه كما ذكر الدارقطني في علله ٩/ ٥٩٥ (١٧٧٢)، ولم يرجح. ولكنه ثبت مرفوعًا من حديث قثادة عن أنس، وهو في الصحيحين، البخاري (١٣٣٨)، ومسلم (٢٨٧٠) بلفظ: "إنّ العبد إذا وُضع في قبره، وتُولِّي وذهب أصحابُه، إنّه يسمعُ قرْعَ نعالهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>