للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر مالك في "الموطأ" (١)، عن يحيى بن سعيد، قال: أخبرني محمدُ بنُ إبراهيم التَّيميُّ، عن أبي سلمةَ بن عبد الرحمن، أنَّ عبدَ الرحمن بنَ الأسود بنِ عبدِ يَغوثَ -قال: وكان جليسًا لهم، وكان أبيضَ الرأس واللحية- قال: فغدا عليهم ذاتَ يوم وقد حمَّرهما، قال: فقال له القوم: هذا أحسن. فقال: إنَّ أُمِّي عائشة زوجَ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أرسلَت إليَّ البارحةَ جاريتَها نُخيلة، فأقسَمت عليَّ لأصبُغَنَّ، وأخبَرتني أنّ أبا بكرٍ الصديق كان يصبُغ.

قال مالك (٢): في هذا الحديث بيانُ أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يصبُغْ، ولو صبَغ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأرسلَت بذلك عائشةُ إلى عبد الرحمن بن الأسود.

وقال مالك (٣) في صَبْغ الشعَر بالسَّواد: لم أسمع في ذلك شيئًا معلومًا، وغير ذلك من الصبغ أحَبُّ إليَّ.

قال (٤): وترْكُ الصَّبْغ كلِّه واسعٌ إن شاء اللَّه، ليس على الناس فيه ضيقٌ.

قال أبو عُمر: فضَّل جماعةٌ من العلماء الخِضابَ بالصُّفرة والحُمْرة على بَياضِ الشَّيْب وعلى الخِضاب بالسَّواد، واحتَجُّوا بحديثِ الزُّهريِّ، عن أبي سلمةَ وسليمانَ بن يَسار جميعًا، عن أبي هريرة، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنَّ اليهودَ والنصارى لا يصبُغُون فخالِفوهم". رواه سفيانُ بنُ عيينةَ وجماعة عن الزهريِّ (٥).


(١) الموطأ ٢/ ٥٣٩ (٢٧٣٣).
(٢) الموطأ ٢/ ٥٣٩ (٢٧٣٦).
(٣) الموطأ ٢/ ٥٣٩ (٢٧٣٤).
(٤) الموطأ ٢/ ٥٣٩ (٢٧٣٥).
(٥) أخرجه الحميدي في مسنده (١١٠٨)، وأحمد في المسند ١٢/ ٢١٨ (٧٢٧٤) عن سفيان بن عيينة، به. وهو عند البخاري (٥٨٩٩) عن عبد اللَّه بن الزُّبير الحميديّ، به. ومسلم (٢١٠٣) من طرق عن سفيان بن عيينة، به.
وأخرجه أحمد في المسند ١٥/ ١١٥ (٩٢٠٩)، والنسائي (٥٠٦٩) من طريق يونس بن يزيد الأيلي عن محمد بن شهاب الزُّهري، به. وأخرجه البخاري (٣٤٦٢) عن صالح بن كيسان عن الزُّهري، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>