للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر أبو بكر (١)، قال: حدَّثنا يحيى بنُ آدم، قال: حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن أيوبَ، قال: سمعتُ سعيدَ بنَ جُبير وسُئِل عن الخِضاب بالوَسِمة، قال: يكسُو اللَّهَ العبدَ في وجهِه النور، فيُطفِئُه بالسَّواد!

قال أبو عُمر: ومما يدلُّ على أنَّ الصَّبغَ بالصُّفْرة المذكورَ في هذا الحديث هو صَبْغُ الثِّياب لا تَصفيرُ اللحية، ما ذكره مالك (٢)، عن نافع، أنَّ عبدَ اللَّه بنَ عُمر كان يلبَسُ الثوبَ المصبوغَ بالمِشْق، والمصبوغَ بالزَّعفران.

قال أبو عُمر: فحديثُ مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يلبَسُ الثوبَ المصبوغَ بالمِشْق والزَّعْفران، مع روايتِه عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يَصبُغُ بالصُّفْرة، دليلٌ على أنَّ تلك الصُّفْرة كانت منه في لباسِه، واللَّهُ أعلم. وإلى هذا ذهب مالكٌ على ما ذكَرناه في باب حميدٍ الطويل (٣).

وأما غيرُه من العلماء فإنهم لا يُجيزون للرجلِ أن يلبَسَ ثوبًا (٤) مصبوغًا بالزَّعفران، لحديث عبدِ العزيز بن صهيب، عن أنس، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يتزَعْفَر الرّجُل (٥). وهو معناه عندَ مالك وأكثرِ العلماء، تخليقُ الجسدِ وتَزَعْفُرُه. وقد ذكَرنا هذا المعنى بأشبَعَ من ذكرِنا له هاهنا في باب حميدٍ الطويل من كتابنا هذا (٦)، والحمدُ للَّه.

وقد رُوِيَ أنَّ تلك الصُّفرةَ كانت في ثيابِه نصًّا دون تأويل.

حدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ زُهَير، قال: حدَّثنا يحيى بنُ عبدِ الحميد، قال: حدَّثنا سليمانُ بنُ بلال،


(١) ابن أبي شيبة، في المصنَّف (٢٥٥٣٨).
(٢) في الموطأ ٢/ ٤٩٨ (٢٦٤٧).
(٣) سلف في الحديث الثاني له.
(٤) في الأصل: "شيئًا"، والمثبت من د ٢ وغيرها.
(٥) سلف تخريجه في أثناء شرح الحديث الثاني لحميد الطويل عن أنس رضي اللَّه عنه.
(٦) في الحديث المشار إليه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>