للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحَسَنُ بنُ حيٍّ: إذا أخَذ المُقيمُ في الإقامةِ فلا تطوعَ إلا رَكْعتَي الفجر.

وقال أبو حنيفة وأصحابُه: إن خشيَ أن تفوتَه الرَّكْعتان ولا يُدْرِكَ الإمامَ قبلَ رَفْعِه من الرُّكوع في الثانية دخَل معه، وإن رَجَا أن يدركَ ركعةً صلَّى ركعتَي الفجر خارجَ المسجد، ثم يدخلُ مع الإمام (١).

قال أبو عُمر: اتَّفق هؤلاء كلُّهم على أنه يركعُ رَكْعتَي الفَجْرِ والإمامُ يصلِّي، منهم مَن راعى فوْتَ الركعةِ الأولى (٢)، ومنهم مَن راعَى الثانية، ومنهم مَن اشترط الخروجَ عن المسجد، ومنهم مَن لم يُبالِه (٣)، على ما ذكَرنا عنهم. وحُجَّتُهم أنّ رَكْعتَي الفَجْر من السُّنَن المؤكَّدة التي كان رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُواظِبُ عليها، إلا أنَّ من أصحاب مالكٍ مَن قال: هما من الرغائب ولَيْسَتا من السُّنَن. وهذا قولٌ ضعيفٌ لا وجهَ له، وكلُّ ما فعَله رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فسُنَّة، وآكدُ ما يكونُ من السُّنَن ما كان رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُواظِبُ عليه ويَندُبُ إليه ويأمُرُ به، ومن الدليل على تأكيدِهما أنه صلّاهما حين نامَ عن صلاة الصُّبح في سفرِه بعدَ طُلوع الشمس (٤)، وهذا غايةٌ في تأكيدِهما، ولا أعلمُ خلافًا بين علماءِ (٥) المسلمين في أنَّ رَكْعتَي الفَجْر من السُّننِ المؤكَّدة، إلا ما ذكَر ابنُ عبدِ الحكم وغيرُه من أصحابنا أنَّهما من الرَّغائب، وهذا لا يُفهَمُ ما هو، وأعمالُ البرِّ كلُّها مرغوب فيها، وأفضلُها


(١) تنظر جملة هذه الأقوال في: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٢٧٢، والمغني لابن قدامة ١/ ٣٢٩.
(٢) قوله: "منهم من راعى فوت الركعة الأولى" سقط من الأصل.
(٣) قوله: "ومنهم من لم يباله" سقط من الأصل.
(٤) سلف تفصيل القول في ذلك في الحديث الثالث والأربعين لزيد بن أسلم وشرحه.
(٥) "علماء" لم ترد في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>