للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من الأحاديث التي لم يُختلَف في إسنادِها ولا في متْنها، وهو حديثٌ ثابتٌ مجتمَعٌ على صحتِه، وهو قاضٍ في هذا الباب على ما كان ظاهرُه خلافَه، وقد أوضَحْنا هذا المعنى في غير موضع من كتابنا، وذكَرنا ما للعلماء في ذلك من التَّنازُع، وأخبرنا بالوجه المختار الصحيح عندَنا، والحمدُ للَّه، ولا وجهَ لتكرار ذلك هاهنا.

قال أبو عُمر: الروايةُ المخالفةُ في حديث هشام بن عُروةَ هذا لرواية مالكٍ فيه، إنما حدَّث به عن هشام أهلُ العراق، وما حدَّث به هشامٌ بالمدينة قبلَ خروجِه إلى العراق أصحُّ عندَهم (١).

ولقد حكى عليُّ بنُ المَدينيِّ، عن يحيى بن سعيد القطّان (٢)، قال: رأيتُ مالكَ بنَ أنس في النوم، فسألتُه عن هشام بن عُروة، فقال: أمّا ما حدَّث به عندَنا -يعني: بالمدينة قبل خُروجه- فكأنه يُصحِّحُه، وأما ما حدَّث به بعدَما خرج من عندِنا فكأنه يُوهِنُه.

وفي هذا الحديث دليلٌ على أنَّ ركْعَتي الفجر مما كان رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُواظِبُ عليهما، وهما عندنا من مؤكَّدات السُّنن وإن كان بعضُ أصحابنا يُخالف في ذلك؛ وقد بيَّنا الوجهَ فيه في باب شَريكِ بنِ أبي نَمرٍ وغيرِه (٣) من هذا الكتاب، والحمدُ للَّه.


(١) ينظر: تهذيب الكمال ٣٠/ ٢٣٨.
(٢) أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه الكبير، السفر الثالث ٢/ ٣٥٧ (٣٠٦٢) قال: "رأيت في كتاب عليٍّ -يعني ابن المديني- وسمعت يحيى بن سعيد"؛ فذكره.
وأخرجه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ١/ ٢٢ عن صالح بن أحمد بن حنبل عن عليّ بن المديني، عن يحيى بن سعيد القطّان، به.
(٣) سلف ذلك في أثناء شرح الحديث الثاني لشريك بن أبي نَمِر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وفي الحديث الثاني والسِّتين لنافع مولى عبد اللَّه بن عمر، عن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>