للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى في روايةِ القَعنبيِّ ومَن تابَعه: الحمدُ لله الذي لم يُعَجِّلْ شيئًا سبق في علمِه تأخُّرُه، ولا نقَض شيئًا من قضائِه وقدَرِه؛ أي: كلُّ ما سبَق في اللّوْح المحفوظِ يكونُ كما قضَاه وقدَّره؛ أي: ما أخَّره فهو مُؤخَّرٌ أبدًا لا يُعجِّلُه، ولا ينقُضُ ما أبرَم من قضائِه وقدَرِه، وكذلك لا يبدُو له فيؤخِّرَ ما قضَى بتعجيلِه، ولا يجري خلْقُه إلا بما سبَق في قضائِه وقدَرِه، لا شريكَ له.

والمعنى كلُّه في الروايتين جميعًا واحدٌ في أنَّ الخلقَ كلَّه يجري على ما سبَق من علمِه وقضائِه وقدَرِه، لا يُبدَّلُ القولُ لدَيه، ولا بدَّ من المصيرِ إليه، لا إلهَ إلا هو العزيزُ الحكيم.

وآنيْتُ: أخَّرتُ. قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- للذي أتى فتخطَّى رِقابَ الناسِ وهو يخطُبُ في الجمُعة: "آنيتَ وآذيتَ" (١)؛ أي: أخَّرتَ المجيء، وآذَيتَ الناسَ بالتخطِّي.

قال الشاعر (٢):

وآنيتُ العَشاءَ إلى سُهَيلٍ ... أو الشِّعرَى فطالَ بيَ الأناءُ

حدَّثنا أبو القاسم عبدُ الرّحمن بنُ عبدِ الله بنِ خالد، قال: حدَّثنا عليُّ بنُ محمدِ بنِ أحمدَ بنِ لؤلؤ البغداديُّ، قال: حدَّثنا أبو عَمْرٍو سَهْلُ بنُ موسى، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ عَبْدَة، قال: حدَّثنا أبو تَوبةَ نُعيمُ بنُ مُورِّع بنِ تَوبةَ العَنبَريُّ، قال: حدَّثني محمدُ بنُ سَلَمةَ المخزوميُّ، عن أبيه، عن جدِّه، عن عبدِ الرّحمنِ بنِ عوف، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا عبدَ الرّحمن، ألا أُعلِّمُك عَوذَةً كان إبراهيمُ


(١) سلف تخريجه في أثناء شرح حديث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبي مُرّة مولى عقيل بن أبي طالب.
(٢) وهو الحُطيئة، واسمه جرول بن أوس بن مالك العبسيّ، والبيت في ديوانه، ص ١١، وشرح ديوانه، ص ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>