للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كثُرَت طُرُقُه، كحديث: «مَن حَفِظَ على أُمَّتي أربعينَ حديثًا مِن أمرِ دِينِها، بَعَثَهُ اللهُ يَومَ القيامةِ في زُمرةِ الفُقهاءِ والعُلماءِ» (١)؛ فقد اتَّفَقَ الحُفَّاظُ على ضَعفِه مع كثرة طرقه وقصوره عن جَبره، وكذا الحديث المُرْسَل ضعيفٌ عند الشافعيِّ وموافقيه لا يُحتَجُّ به، فإذا أُسند من وجهٍ آخَرَ، أو جاء مرسَلًا أيضًا من وجه آخر بأنْ أرسله مَن أخذ العِلْم عن غير رجال التابعيِّ الأَوَّل؛ اعتَضَد وانجَبَر وصار بذلك حجةً. واعتُرِض بأنَّ الحديث إذا أُسند فالاحتجاج بالمُسْنَد، وأُجيبَ بأنَّ المراد: مُسنَدٌ لا يُحْتَج به منفرِدًا، أو بأنَّ: ثمرته تظهر فيما لو عارضه مُسْنَدٌ مِثلُه، فإنَّه يُرجَّحُ عليه؛ لاعتضاده بالمرسَل، ومُلَخَّصُه: أنَّهما دليلان اعتَضَد أحدُهما بالآخَر، كما يأتي نظيره.

تنبيه (٢):

قولهم: عن غير رجال الأَوَّل؛ للاحتراز عما إذا أرسله مَن أخذَ العلمَ عن رجال هذا التابعيِّ، فإنه لا يكون عاضدًا؛ لأنَّه يَطْرُقه احتمالُ أنْ يكون تسمية غير ذلك التابعيِّ من قبيل الاضطراب والاختلاف من الرُّواة، فإذا كان الذي أرسل لم يأخذ عن أصحاب هذا التابعي لم يجئْ هذا الاحتمالُ. قال المؤلِّف «مِثاله: أنْ يَروي عَقيل، عن الزُّهْرِيِّ، عن سعيد بن المُسيِّب، عن النبي -عليه الصلاة والسلام- (٣) حديثًا، ويرويه بعَيْنِه أو بمعناهُ: يونسُ، عن الزُّهْرِيِّ، عن أبي سَلَمةَ،


(١) أبو نعيم في الحلية (٤/ ١٨٩)، عن ابن مسعود -رضي الله عنه-. وينظر: العلل المتناهية (١/ ١١١).
(٢) قضاء الوطر (٢/ ٧٦٤).
(٣) في (هـ): -عليه السلام-.

<<  <  ج: ص:  >  >>