للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخر (١): هؤلاء المسلمون منذ العصور الأولى إلى اليوم بما فيهم من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، ما زالوا يتقربون إلى الله زُلْفى بتعظيم مقابر الأنبياء والأولياء، وبتعميرها وتشييدها، وإقامة الأبنية الضخمة عليها.

وهذا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): هو أول من بنى حُجْرة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم باللبن، بعد أن كانت مقوَّمة بجريد النخل، نص على ذلك السمهودي في "كتاب الوفاء" (٢)، ثم تناوب الخلفاء على تعميرها.

أقول: أسْمَع جعجعةً ولا أرى طِحْنًا، دعنا من حُجرة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإن لها سببًا خاصًّا كما مر بيانه (٣). ومع ذلك فما نقلته عن كتاب "الوفا" لا نراه يصح، فإن أم المؤمنين عائشة كانت ساكنةً في الحجرة، ولعله ذهب وَهْم الراوي من عمر بن عبد العزيز إلى عمر بن الخطاب.

وأما غير قبره صلى الله عليه وسلم؛ فقد نزَّه الله الصحابة رضوان الله عليهم، إلا أن يصنع بعض جَهَلة التابعين شيئًا، فيبادرون إلى هدمه، كما سيأتي.

وكذا أتباع التابعين، ومَنْ بعدهم غالبًا، قال الإمام الشافعي (٤): لم أر قبور المهاجرين والأنصار مجصصة. وقال: رأيت [من الولاة من يهدم] بمكة [ما يُبنى فيها فلم أر الفقهاء يعيبون ذلك] (٥).


(١) هو حسن الصدر الكاظمي في "الرد على فتاوى الوهابية" (ص ٧٠ ــ ٧١).
(٢) (٢/ ٤٨١).
(٣) (ص ٣٧ ــ ٣٨).
(٤) النصان في "الأم": (٢/ ٦٣١).
(٥) العبارة في الأصل: "وقال: رأيت ا ... بمكة ... " وأكملناها من "الأم".