للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«المعتمد» مقاليد الحكم ظهور ما عُرف باسم «صحوة الخلافة» فى

«العصر العباسى الثانى».

فقد تصاعد النزاع الداخلى بين القادة الأتراك، وساءت معاملتهم

لجنودهم، كما ازدادت شكوى الجمهور من مضايقاتهم، مما أدى إلى

ظهور اتجاه قوى داخل الجيش بحتمية جعل القيادة العسكرية العليا

فى يد أحد أمراء البيت العباسى؛ يقوم الخليفة باختياره، ويدين له

الجميع بالطاعة، وقد اختار «المعتمد» أخاه «الموفق» قائدًا للجيش،

فكانت «صحوة الخلافة»؛ حيث استردت قوتها وهيبتها واستطاع

«الموفق» بحكمته وحزمه وصلابة إرادته أن يكبح جماح الأتراك، وأن

يعيد تنظيم الجيش، ويقر الأمن والنظام.

ورغم أن «المعتمد بالله» كان الخليفة الرسمى فإن أخاه «الموفق»

كان صاحب السلطة الفعلية، فكان له الأمر والنهى، وقيادة الجيش

ومحاربة الأعداء، ومرابطة الثغور، وتعيين الوزراء والأمراء، وكان

قضاء «الموفق» على «ثورة الزنج» سنة (٢٧٠هـ= ٨٨٣م) أعظم إنجاز

له.

وقد تُوفِّى «الموفق» فى (صفر سنة ٢٧٨هـ= مايوسنة ٨٩١م)، وفى

العام التالى تُوفِّى الخليفة «المعتمد» فى (رجب سنة ٢٧٩هـ=

سبتمبرسنة ٨٩٢م)، بعد أن حكم البلاد ثلاثة وعشرين عامًا. وقد حفل

عهده بالعلماء الأعلام فى مجالات المعرفة المختلفة.

المعتضد بالله أبو العباس أحمد بن الموفق:

تولى الخلافة بعد وفاة عمه «المعتمد»، وكان قوى الشخصية؛ فحفظ

هيبة الخلافة، كما كانت فى عهد أبيه «الموفق» وعمه «المعتمد»،

يقول «السيوطى»: كان «المعتضد» شهمًا جلدًا، موصوفًا بالرُّجلة

(أى الشجاعة)، وقد خاض الحروب وعُرف فضله، فقام بالأمر أحسن

قيام، وهابه الناس ورهبوه أحسن رهبة، وسكنت الفتن فى أيامه

لفرط هيبته، وكانت أيامه طيبة كثيرة الأمن والرخاء.

وقد تمكن «المعتضد» خلال حكمه الذى دام عشر سنوات من تهيئة

المزيد من القوة والاستقرار للدولة العباسية، فقضى على مصادر

الفتن والثورات، وأخمد ثورة «بنى شيبان» بأرض الجزيرة سنة

<<  <  ج: ص:  >  >>