للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣٢٢هـ) وعمره خمسة وعشرون عامًا، وقد كان من خيار الخلفاء،

فاضلاً سمحًا جوادًا، شاعرًا محبا للعلماء.

ورغم ما كان يتحلى به «الراضى» من صفات حميدة فإن أمر الخلافة

قد اختل فى عهده اختلالاً خطيرًا، وازداد تمزق الدولة واستفحل نفوذ

المتطلعين للسيطرة على زمام الأمور؛ فقد ازداد نفوذ البويهيين فى

فارس وتطلعوا للاستيلاء على «العراق»، وتمتع «بنو حمدان» بنفوذ

مطلق فى «الموصل» و «ديار بكر» و «ربيعة» و «مضر»، واستقلت

«الدولة الإخشيدية» فى «مصر» و «الشام» عن الخلافة العباسية،

وكذلك «الدولة السامانية» فى «خراسان» و «ما وراء النهر» بزعامة

«نصر بن أحمد السامانى»، وأصبح للأمويين خلافة مستقلة فى

«الأندلس» تحت حكم «عبدالرحمن الثالث» الأموى الملقب بالناصر (٣٠٠

- ٣٥٠هـ= ٩١٣ - ٩٦١م)، وسيطر القرامطة بزعامة «أبى طاهر

القرمطى» على «البحرين»» و «اليمامة».

- ظهور منصب أمير الأمراء:

وتدهورت الأوضاع فى أوائل عهد «الراضى» تدهورًا كبيرًا، بسبب

عجز الوزراء وازدياد نفوذ كبار القواد وتدخلهم فى شئون الدولة،

وكان «محمد بن رائق» والى «واسط» و «البصرة» واحدًا من أبرز

هؤلاء القواد وأكثرهم نفوذًا وتأثيرًا، فاختاره الخليفة «الراضى»

ليقوم بمهمة إنقاذ الخلافة من التدهور الإدارى الحاد الذى تعانى منه،

وأسند إليه منصب «أمير الأمراء» فى عام (٣٢٤هـ= ٩٣٦م).

وقد أصبح «محمد بن رائق» بمقتضى هذا المنصب الخطير الذى لم

يظهر قبل ذلك على مسرح الأحداث السياسية فى الدولة الإسلامية،

القائد الأعلى للجيش، والمسئول عن إدارة شئون الدولة والخراج،

وأصدر الخليفة «الراضى» أمرًا بأن يُخطَب لابن رائق على جميع

المنابر فى جميع النواحى الخاضعة للخلافة، وبذلك تحولت الخلافة

إلى منصب شرفى، وأصبح شاغل منصب «أمير الأمراء» هو الحاكم

الفعلى للبلاد؛ مما جعل كبار رجال الدولة أمثال «أبى عبدالله

البريدى» صاحب «الأهواز»، و «بَجْكم التركى»، و «ناصر الدولة بن

<<  <  ج: ص:  >  >>