للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ» (١) فانه يدل على اعتبار الاشهاد فى الوصية.

وقال القرطبى: ذكر الكتابة مبالغة فى زيادة التوثق والا فالوصية المشهود بها متفق عليها ولو لم تكن مكتوبة.

وفى شهادة أهل الذمة على وصية المسلم فى السفر جاء فى المنتقى ما يأتى:

١ - (عن الشعبى: أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقا ولم يجد أحدا من المسلمين يشهده على وصيته فأشهد رجلين من أهل الكتاب فقدما الكوفة فأتيا الأشعرى يعنى أبا موسى فأخبراه وقدما بتركته ووصيته. فقال الأشعرى:

هذا أمر لم يكن بعد الذى كان فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) .. فأحلفهما بعد العصر. ما خانا ولا كذبا ولا بدلا ولا كتما ولا غيرا. وانها لوصية الرجل وتركته فأمضى شهادتهما (رواه أبو داود والدارقطنى بمعناه).

٢ - وعن جبير بن نفير قال: دخلت على عائشة فقالت: هل تقرأ سورة المائدة؟ قلت نعم قالت: فانها آخر سورة أنزلت فما وجدتم فيها من حلال فأحلوه وما وجدتم فيها من حرام فحرموه رواه أحمد).

٣ - وعن ابن عباس قال: خرج رجل من بنى سهم (٢) مع تميم الدارى وعدى بن بداء فمات السهمى بأرض ليس بها مسلم، فلما قدموا بتركته فقدوا جاما من فضة مخوصا بذهب فاحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ثم وجد الجام بمكة فقالوا ابتعناه من تميم وعدى بن بداء فقام رجلان من أوليائه فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما. وان الجام لصاحبهم.

قال: وفيهم نزلت هذه الآية - {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ»}. رواه البخارى وأبو داود.

وجاء فى شرح هذا الحديث للامام الشوكانى ما يأتى.

واستدل بهذا الحديث على جواز شهادة الكفار على المسلمين بناء على أن المراد بالغير فى الآية الكريمة الكفار.

والمعنى - منكم أى من أهل دينكم أو آخران من غيركم أى من غير أهل دينكم وبذلك قال أبو حنيفة ومن تبعه.

وتعقب بأنه لا يقول بظاهرها فلا يجيز شهادة الكفار على المسلمين. وانما يجيز شهادة الكفار بعضهم على بعض، لأن الآية


(١) الآية رقم ١٠٦ من سورة المائدة.
(٢) نيل الاوطار شرح منتقى الاخبار من أحاديث سيد الأخيار للشيخ الأمام محمد بن على بن محمد الشوكانى ج ٨ ص ٣٠٤ الطبعة الثانية طبع شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر سنة ١٣٧٤ هـ‍.