للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما أن تكون الدلالة على ما فيه الخط‍ بالشهادة ومباح تركها، لاحتمال أن لا يكون من تركه عاصيا بتركه. واحتمل أن يكون حتما منه يعصى من تركه بتركه.

والذى اختاره ألا يدع المتبايعان الاشهاد وذلك انهما اذا أشهدا لم يبق فى أنفسهما شئ، لأن ذلك ان كان حتما فقد أدياه وأن كان دلالة فقد أخذا بالخط‍ فيها.

وكل ما ندب الله تعالى اليه من فرض أو دلالة فهو بركة على من فعله، ألا ترى أن الاشهاد فى البيع ان كان فيه دلالة كان فيه أن المتبايعين أو أحدهما ان أراد ظلما قامت البينة عليه، فيمنع من الظلم الذى يأثم به وان كان تاركا لا يمنع منه - ولو نسى أو وهم فجحد منع من المأثم على ذلك بالبينة وكذلك ورثتهما من بعدهما .. أو لا ترى أنهما أو أحدهما لو وكل وكيلا أن يبيع فباع هذا رجلا وباع وكيله آخر ولم يعرف أى البيعين أول - لم يعط‍ الأول من المشتريين بقول البائع ..

ولو كانت بينة فأثبتت أيهما أول أعطى الأول فالشهادة سبب قطع التظالم وتثبت الحقوق .. وكل أمر الله عز وجل، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخير الذى لا يعتاض عنه من تركه.

فأن قال قائل فأى المعنيين أولى بالآية الحتم بالشهادة أم الدلالة فان الذى يشبه والله أعلم واياه أسأل التوفيق أن يكون دلالة لا حتما يحرج من ترك الاشهاد.

فان قال: ما دل على ما وصفت.

قيل قال الله عز وجل وأحل الله البيع وحرم الربا «فذكر أن البيع حلال ولم يذكر معه بينة».

وقال عز وجل فى آية الدين «إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ» والدين تبايع وقد أمر فيه بالاشهاد، فبين المعنى الذى أمر له به - فدل ما بين الله عز وجل فى الدين، على أن الله عز وجل انما أمر به على النظر والاحتياط‍ لا على الحتم.

قلت قال الله تعالى: «إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ» ثم قال فى سياق الآية وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة. فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذى أؤتمن أمانته فلما أمر اذا لم يجد كاتبا بالرهن ثم أباح ترك الرهن وقال:

فان أمن بعضكم بعضا» علم أن الأمر الأول دلالة على الخط‍ لا فرض منه يعصى من تركه والله أعلم.

وقد حفظ‍ عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه بايع أعرابيا فى فرس، فجحد الأعرابى بأمر بعض المنافقين، ولم يكن بينهما بينة. فلو كان حتما لم يبايع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بلا بينة.

وقد حفظت عن عدة لقيتهم مثل معنى قولى من أنه لا يعصى من ترك الاشهاد وأن البيع لازم اذا - تصادقا لا ينقضه