للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ومن أمثلة هذه القاعدة - أيضا -: ما جاء في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً} [ص: ٣٤].

يذكر كثير من المفسرين في تفسير هذه الآية قصة الشيطان الذي أخذ خاتم سليمان وجلس على كرسي سليمان، وطرده عن ملكه، وتسلط‍ على نسائه في الحيض، واستمر على ذلك حتى وجد سليمان الخاتم في بطن السمكة التي أعطاها له من كان يعمل عنده بأجر، مطرودا عن ملكه، إلى آخر القصة (١).


= عن حبر الأمة وترجمان القرآن، وابن أم عبد - رضي الله عنهم جميعا - كتوجيهه بأنه ما يخطر بالبال ويهجس في النفس، وكتوجيه الظن بأنه التوهم؛ لوروده بذلك في الكتاب والسنة كما انتصر لذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (١٥/ ١٧٥).
ونحوها من التوجيهات. انظر الجامع لأحكام القرآن (٩/ ٢٧٦)، وروح المعاني (١٣/ ٦٩)، وكل هذا توجيه لإزالة الإشكال الذي يظهر من ظاهر هذا القول. وقد صحت الرواية عن عائشة وابن عباس وابن مسعود وغيرهم بتفسيرالآية على خلاف هذا القول، فحملها على تلك التفسيرات المروية عنهم الخالية من الإشكال أولى وأحسن وأسلم.
قال الحافظ‍ ابن حجر - في توجيه قول ابن عباس: كانوا بشرا ضعفوا وأيسوا وظنوا أنهم قد كذبوا.
وقول الراوي عنه: قد ذهب بها هناك: إنه أراد من آمن من أتباع الرسل لا نفس الرسل، وقال: وقول الراوي عنه «ذهب بها هناك» أي: إلى السماء معناه أن أتباع الرسل ظنوا أن ما وعدهم به الرسل على لسان الملك تخلف، ولا مانع أن يقع ذلك في خواطر بعض الأتباع … ولم يأت عنه التصريح بأن الرسل هم الذين ظنوا ذلك، ولا يلزم من قراءة التخفيف … وإذا كان ذلك محتملا وجب تنزيه ابن عباس عن تجويزه ذلك على الرسل، ويحمل إنكار عائشة على ظاهر مساقهم من إطلاق المنقول عنه.
- ثم ساق الرواية الأخرى عن ابن عباس بأن المراد ظن قومهم أن الرسل قد كذبوا. إلى أن قال: وإسناده حسن، فليكن هو المعتمد في تأويل ما جاء عن ابن عباس في ذلك؛ وهو أعلم بمراد نفسه من غيره.
من الفتح (٨/ ٢١٩ - ٢٢٠).
(١) انظرها في جامع البيان (٢٣/ ١٥٧)، وتفسير ابن كثير (٧/ ٥٩ - ٦٠) وغيرهما من كتب التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>