للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُشبه مثلا إِذا كَانَ منتزعاً من أَشْيَاء مُتعَدِّدَة فإمَّا أَن ينتزع بِتَمَامِهِ من كل وَاحِد مِنْهَا، وَهُوَ بَاطِل، فَإِنَّهُ إِذا أَخذ كَذَلِك من وَاحِد مِنْهَا كَانَ أَخذه مرّة ثَانِيَة من وَاحِد آخر لَغوا بل تحصيلاً للحاصل، وَإِمَّا أَن ينتزع من كل وَاحِد مِنْهَا بعض مِنْهُ فَيكون مركبا بِالضَّرُورَةِ، وَإِمَّا أَن لَا يكون هُنَاكَ لَا هَذَا وَلَا ذَاك، وَهُوَ أَيْضا بَاطِل، إِذْ لَا معنى حِينَئِذٍ لانتزاعه من تِلْكَ الْأُمُور المتعددة.

الْمُتَعَارف فِي جَوَاب (لما) الْفِعْل الْمَاضِي لفظا أَو معنى بِدُونِ الْفَاء، وَقد تدخل الْفَاء على قلَّة لما فِي (لما) من معنى الشَّرْط، وَعَلِيهِ ورد بعض الْأَحَادِيث. وَفِي شرح " اللّبَاب " للمشهدي: جَوَاب (لما) فعل مَاض أَو جملَة اسمية مَعَ (إِذا) المفاجأة أَو مَعَ الْفَاء، وَرُبمَا كَانَ مَاضِيا مَقْرُونا بِالْفَاءِ، وَيكون مضارعاً.

عِلّة تَخْصِيص الِابْتِدَاء بالمتحرك هِيَ أَن الِابْتِدَاء للْكَلَام كالأس للْبِنَاء، فَكَمَا أَن الْبناء الخارق لَا يبْنى إِلَّا على أساس متين كَذَلِك من أَرَادَ إحكام كَلَامه لَا يَبْنِي إِلَّا على متحرك مُتَقَوّم بحركة الوجودية دون السَّاكِن الَّذِي تطرق إِلَيْهِ الضعْف بسكونه العدمي، وَالْوَقْف على السَّاكِن لكَونه ضد الِابْتِدَاء فَجعل عَلامَة ضد الْعَلامَة.

القَوْل بِأَن مَا فِي حيّز النَّفْي لَا يتَقَدَّم عَلَيْهِ لَيْسَ إطلاقاً بل ذَلِك إِنَّمَا هُوَ فِي النَّفْي بِمَا وَإِن فَإِنَّهُمَا لدخولهما على الْفِعْل وَالِاسْم أشبها الِاسْتِفْهَام فطلبا صدر الْكَلَام بِخِلَاف لم وَلنْ فَإِنَّهُمَا اختصا بِالْفِعْلِ وَعَملا فِيهِ وصارا كالجزء مِنْهُ فَجَاز (زيدا لم أضْرب أَو لن أضْرب) وَأما (لَا) فَإِنَّهَا مَعَ

دُخُولهَا على القبيلتين جَازَ التَّقْدِيم مَعهَا لِأَنَّهَا حرف متصرف فِيهِ حَيْثُ أعمل مَا قبلهَا فِيمَا بعْدهَا كَمَا فِي (أُرِيد أَن لَا تخرج) و (جِئْت بِلَا طائل) فَجَاز أَيْضا أَن يتَقَدَّم عَلَيْهَا مَعْمُول مَا بعْدهَا بِخِلَاف مَا إِذْ لَا يتخطاها الْعَامِل أصلا. وَقد جوزت الكوفية تَقْدِيم مَا فِي حيزها عَلَيْهَا قِيَاسا على أخواتها.

إِذا كَانَ الْمُشبه بِهِ مُفردا مُقَدرا فَهُوَ من قبيل مَا يَلِي الْمُشبه بِهِ حرف التَّشْبِيه، أَلا يرى إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا مثل الْحَيَاة الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ من السَّمَاء} كَيفَ ولي المَاء الْكَاف وَلَيْسَ الْغَرَض تَشْبِيه حَال الدُّنْيَا بِالْمَاءِ وَلَا بمفرد آخر يتمحل لتقديره، فتقدير (كَمثل مَاء) على حذف الْمُضَاف حَتَّى لم يل الْكَاف لكَونه محذوفاً سهوٌ بيِّن إِذْ الْمُقدر فِي حكم الملفوظ بِخِلَاف قَوْله: {أَو كصيب} . حَيْثُ يقدر فِيهِ (كَمثل ذَوي صيب) إِذْ الضمائر فِي قَوْله تَعَالَى: {يجْعَلُونَ أَصَابِعهم فِي آذانهم} . لَا بُد لَهَا من مرجع.

طَريقَة الِاسْتِعَارَة أَن تطوي ذكر الْمُشبه قطعا وَيجْعَل الْكَلَام عَنهُ خلوا فَلَا يكون مَذْكُورا وَلَا مُقَدرا فِي نظم الْكَلَام. وَأما التَّشْبِيه فقد يطوى فِيهِ ذكره أَيْضا كَذَلِك، وَالْفرق حِينَئِذٍ من وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَن الْمَتْرُوك فِي التَّشْبِيه منوي مُرَاد، وَفِي الِاسْتِعَارَة منسي بِالْكُلِّيَّةِ، وَالثَّانِي أَن اللَّفْظ الْمُشبه بِهِ فِي التَّشْبِيه يسْتَعْمل فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ، وَفِي الِاسْتِعَارَة يسْتَعْمل فِي معنى الْمُشبه حَتَّى لَو أقيم اسْم مشبه مقَامه صَحَّ.

قد يعبر عَن الشَّيْء باسمه الْخَاص، وَقد يعبر عَنهُ بمركب يدل على بعض لوازمه، وَذَلِكَ فِي

<<  <   >  >>