للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عِنْد انْفِصَال شَيْء قَلِيل مِنْهُ، وأذعنوا لَهَا وأنكروه وَقَالُوا صَرِيحًا بِأَن جَمِيع أَجزَاء الْجِسْم مَوْجُودَة بِالْفِعْلِ فلزمهم بِحكم هَذِه الْمُقدمَات القَوْل بِوُجُود الْجُزْء وتركب الْجِسْم مِنْهُ، إِلَّا أَنهم رَأَوْا أَن فِي عدم تناهي الانقسام مخلصا عَنهُ، إِذْ حِينَئِذٍ يكون كل جُزْء منقسما، وَإِلَّا يلْزم تناهي الْقِسْمَة عِنْده، وَهُوَ خلاف الْمَفْرُوض، فَلم يلتزموا بِوُجُود الْجُزْء، فالخلل فِي مَذْهَبهم من جِهَة أَنهم جمعُوا بَين مقدمتين، مُوجب إِحْدَاهمَا وجود الْجُزْء، وَمُوجب الْأُخْرَى عَدمه، وَلَا يخفى أَن مُنَافَاة الموجبين مستلزمة لمنافاة الموجبين، هَكَذَا قَرَّرَهُ بعض الْفُضَلَاء، وَذهب من كَانَ قبل أرسطو مثل سقراط وفيثاغورث إِلَى قدم الْأَجْسَام بذواتها، سَوَاء كَانَت فلكية أَو عنصرية؛ وحدوث صورها وصفاتها وَبَاقِي أحوالها

والجسم الطبيعي: هُوَ الَّذِي يفْرض فِيهِ أبعاد ثَلَاثَة متقاطعة على زَوَايَا قَائِمَة

والجسم التعليمي: هُوَ عرض لَا وجود لَهُ على الِاسْتِقْلَال

الْجَوْهَر: هُوَ والذات والماهية والحقيقة كلهَا أَلْفَاظ مترادفة

[وَالْمَشْهُور فِيمَا بَين الفلاسفة اسْتِعْمَال الْجَوْهَر بِمَعْنى الْمَوْجُود الْقَائِم بِنَفسِهِ وَبِمَعْنى الذَّات والحقيقة، وَبَين الْمُتَكَلِّمين هُوَ بِمَعْنى المتحيز بِالذَّاتِ، وَمعنى الْقيام بِنَفسِهِ أَن يَصح وجوده من غير مَحل يقوم بِهِ، لَا مَا يَسْتَغْنِي وجوده عَن غَيره كَمَا قَالَه الْأَشْعَرِيّ حَتَّى قَالَ: لَا قَائِم بِالنَّفسِ إِلَّا الله، فَأنْكر قيام الْجَوَاهِر بِنَفسِهَا وَكَون الْجَوَاهِر أصلا للمركبات حدا لَهُ أَو عِلّة أقوى من كَون الْقيام بِالذَّاتِ حدا لَهُ أَو عِلّة، لما أَن فِي لفظ الْجَوْهَر مَا يُنبئ عَن كَونه أصلا، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُنبئ عَن الْقيام بِالذَّاتِ

وَاسم الْجَوْهَر لَيْسَ باسم لمُطلق الْوُجُود، بل هُوَ اسْم لموجود يتركب مِنْهُ وَمن غَيره الْجِسْم، أَو لما هُوَ قَابل للأعراض، حَتَّى إِنَّه لَا يتَنَاوَل مَوْجُودا لَيْسَ يتركب مِنْهُ الْأَجْسَام، وَلَا مَوْجُودا لَا يقبل الْعرض، وَكَذَلِكَ الْعرض لَيْسَ باسم لمُطلق الْمَوْجُود، إِذْ موجودات كَثِيرَة لَيست بأعراض، بل هُوَ اسْم لما يعرض فِي الْجَوْهَر مِمَّا يَسْتَحِيل بَقَاؤُهُ، فَمَا لم يُوجد فِيهِ هَذَا الْمَعْنى لم يكن عرضا، وَكَذَا كل اسْم جنس كالحيوان والنبات وَغير ذَلِك]

ثمَّ الْجَوْهَر مُمكن الْوُجُود لَا فِي مَوْضُوع عِنْد الْحُكَمَاء؛ وحادث متحيز عِنْد الْمُتَكَلِّمين

والمتحيز: الشاغل للحيز الَّذِي هُوَ عِنْد الْمُتَكَلِّمين الْفَرَاغ المتوهم المشغول بالشَّيْء الَّذِي لَو لم يشْغلهُ لَكَانَ ذَا خلاء كداخل الْكوز للْمَاء وَقد يذكر وَيُرَاد بِهِ أحد أُمُور أَرْبَعَة: الأول: المتحيز الَّذِي لَا يقبل الْقِسْمَة هَذَا على قَول من يثبت الْجَوْهَر الْفَرد الْمُسَمّى بالجزء الَّذِي لَا يتَجَزَّأ لَا كسرا لصغره، وَلَا قطعا لصلابته، وَلَا وهما لِامْتِنَاع تميزه، وَلَا فرضا لاستلزام

<<  <   >  >>