للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انقسام مَالا يَنْقَسِم فِي نفس الْأَمر، إِذْ لَيْسَ الْجُزْء الَّذِي لَا يتَجَزَّأ جسما على مَا ذكره المتكلمون، بل لَا يُمكن أَن يكون جسما والجسم عِنْد الْحُكَمَاء مَأْخُوذ مِنْهُ فِي الْوَاقِع، وَقد يطلع الله بعض أوليائه عَلَيْهِ

وَالثَّانِي: هُوَ الذَّات الْقَابِلَة لتوارد الصِّفَات المتضادة عَلَيْهَا

وَالثَّالِث: أَنه الْمَاهِيّة الَّتِي إِذا وجدت فِي الْأَعْيَان كَانَت فِي مَوْضُوع أَي ذَات، وَيخرج عَنهُ الْوَاجِب لذاته، إِذْ لَيْسَ لَهُ مَاهِيَّة وَرَاء الْوُجُود

وَالرَّابِع: أَنه الْمَوْجُود الْغَنِيّ عَن مَحل يحل فِيهِ

فالجوهر بِهَذَا الْمَعْنى يجوز إِطْلَاقه على الْبَارِي تَعَالَى من حَيْثُ الْمَعْنى، لوُجُود الْمَعْنى الْمُصَحح لَهُ فِيهِ، لَا من حَيْثُ اللَّفْظ أما سمعا فلعدم وُرُود الْإِذْن من الشَّارِع بِصَرِيح إِطْلَاقه على الْوَاجِب فِي الْكتاب وَالسّنة، أَو بِمَا يرادفه، أَو بِمَا كَانَ مَوْصُوفا بِمَعْنَاهُ

وَلَا يَكْفِي فِي صِحَة الْأَجْزَاء على الْإِطْلَاق مُجَرّد وُقُوع مَا لَا يَصح إِطْلَاقه على الْوَاجِب فِي الْكتاب وَالسّنة بِحَسب اقْتِضَاء الْمقَام وَسِيَاق الْكَلَام، بل يجب أَن لَا يَخْلُو عَن نوع وتعظيم ورعاية أدب

وَأما عقلا فلإيهامه لما يُنَافِي الألوهية من تبادر الْفَهم إِلَى المتحيز الْمحَال إِطْلَاقه على الْوَاجِب تَعَالَى

وَاعْلَم أَن الْقَائِم بِالنَّفسِ الَّذِي يكون متحيزا وقابلا للْقِسْمَة هُوَ الْجِسْم؛ والقائم بِالنَّفسِ الَّذِي يكون متحيزا لَا قَابلا للْقِسْمَة هُوَ الْجَوْهَر الْفَرد، والقائم بِالنَّفسِ الَّذِي لَا يكون متحيزا هُوَ الْجَوْهَر الروحاني، وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن يكون مثلا للباري تَعَالَى، إِذْ الِاشْتِرَاك فِي السلوب لَا يُوجب الِاشْتِرَاك فِي الْمَاهِيّة

وَاتفقَ الْحُكَمَاء على أَن كل جَوْهَر عَاقل فَهُوَ لَيْسَ بجسم وَلَا بجسماني

(والجوهر عبارَة عَن الأَصْل فِي اللُّغَة أَي أصل المركبات، لَا عَن الْقَائِم بِالذَّاتِ)

والجواهر الْعَقْلِيَّة هِيَ الْعُقُول الْعشْرَة، والجسمية هِيَ الهيولى وَالصُّورَة

والنفسانية هِيَ نفس الْحَيَوَان

وَالْمرَاد بالجواهر فِي عرف النَّحْوِيين الْأَجْسَام المتشخصة

والجوهر والكم كِلَاهُمَا جنس عِنْد الْحُكَمَاء؛ وَعند غَيرهم: الْكمّ جنس والجوهر كالجنس

وللجوهر تحققان: تحقق فِي نَفسه وَهُوَ الْوُجُود الْمُقَابل لعدمه، وَتحقّق فِي مَكَانَهُ وَهُوَ حُصُوله فِيهِ، بِخِلَاف الْعرض، فَإِنَّهُ لما لم يقم بِنَفسِهِ كَانَ تحَققه حصولي فِي مَوْضُوعه بِحَيْثُ لَا يتمايزان فِي الْإِشَارَة الحسية كاللون مَعَ المتلون، بِخِلَاف الْجِسْم فِي الْمَكَان وخلو الْجَوْهَر عَن أعراضه مُمْتَنع عِنْد أهل الْحق مُفردا كَانَ الْجَوْهَر أَو مركبا مَعَ جَوْهَر آخر، وَهُوَ الْجِسْم، إِذْ لَا يُوجد جَوْهَر بِدُونِ تشخصه، وتشخصه إِنَّمَا هُوَ بأعراضه، فَيجب أَن يقوم بِهِ عِنْد تشخصه بِشَيْء من الْأَعْرَاض

والجوهر جنس للأنواع المندرجة تَحْتَهُ عرض عَام لفصولها، بل كل جنس بِالْقِيَاسِ إِلَى الْفَصْل الَّذِي يقسمهُ عرض عَام لَهُ

الْجعل: (جعل) أَعم من (فعل) و (صنع)

<<  <   >  >>