للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يخرج المترجم به من هذه الجمعية إلا ليدخل جمعية أعظم خيراً وأوفر بها. وأكبر قدراً. وأعلم أثراً. جمعية الهلال الأحمر، تلك الحسنة الكبرى التي جاءت بها المدنية الحاضرة فجعل على خزائنها واختير أمين صندوقها، فكم من جراح برأها وكم من طعنات نجلاء لمها، وكم من نفوس كانت على شفا الموت فأنقذها، وكم من أرواح أوشكت أن تفيض فأمسكها، وما يشق المشرفي جرحاً الأسد بدينار من ماله. ولا تجري دماء جريح إلا أوقف جريانها بضماد من عطائه، ذلك هو العمل المبرور والسعي المشكور ومن أحيا نفساً فقد أحيا الناس جميعاً.

ولا تنس حفلة الطيران واحتفاءه وأسرته بمقدم الطيارين العثمانيين وإكرام مثواهما وإحسان وفادتهما وكان في جمعية الاحتفال أمين صندوقها فأعانها بماله وعضدها بحسن إدارته، وهو اليوم يشتعل في نقابة زارعي الأقطان المصرية للدفاع عن مصالحهم. وهناك حسنة كبرى لا تحد بحدود ولا تقاس بمقياس ولا توزن بميزان، تلك أن الحكومة كانت بادئ بدء لا تقدر على اعتبار إخواننا السوريين عنصراً من العناصر المصرية وكان قانونها النظامي لا يبيح تعيين أحد منهم نائباً في الجمعية التشريعية، فكان من سعى المترجم به واجتهاده أن أقرت الحكومة على اعتبارهم عنصراص متمماً للأمة، وبذلك ألف بين القلوب وربطها برباط من الأربطة السياسية الوثقى بعدما وصل بينها وأخي الحب الأهلي وأواصر الصداقة وأسباب الألفة والود، وناهيك بذلك من عمل سياسي مجيد.

وهذه الأسرة اللطفية الكريمة تتألف اليوم من والد المترجم به سعادة المفضال حبيب باشا لطف الله، والمترجم به وإخوته. وقد أنعم عليه الجناب العالي بالرتبة الثانية وكذاك أنعم عليه الشاه الحالي بوسام السير خورشيد.

فترى أنت من هذه الفذلكة المجملة أن صاحب الترجمة يعيش للأمة ويحيا لحياتها ويعمل لا لنفسه وإنما لرقبها مؤثراً رخاءها على رخائه مفضلاً مصلحتها على مصلحته علم أن للأمة حقوقاً على الفرد. فأبى الآن يقوم بواجبات ألوف الأفراد.

ونحن فلو أردنا أن نبسط لك جملة من سديد آرائه وطائفة من جليل خواطره لما وسعها إلا كتاب كبير، فحسب القارئ منها أن نذكر أن أكبر أماني المترجم أن يثبت على الزمن فساد تلك الكلمة المتداولة اتفق الشرقيون على أن لا يتفقوا ويرى أن خليقاً بالشرقيين أن يجتمعوا