للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي كل مكان ترجح الجماهير بالطبقات. فكيف لا تصدم كل فرد من تلك الحقيقة التي تدل على أن الإعلان وليد الديمقراطية. ونتيجتها المحتمة. وعاقبتها الإجبارية؟.

وأنت لا تحتاج في المجتمع الأوتوقراطي. أو الشعب الأرستقراطي إلا إلى أن تلقت إليك أنظار الفرد أو تلك الفئة القليلة التي ينبسط سلطانها. وتجري قوانينها على المجتمع كله. كما قال ذلك الفرنسي المتملق إن عين لويس الرابع عشر. هي التي أخرجت كل حسنات الصناعة. وبدائع الفنون وفي مجتمع كهذا. لا يغني الإعلان ولا يفيد. بل حسبه أن يسر الملك ويرضيه. ورعاية الملك لكل شيء تذهب برعاية الشعب ولكنك في المجتمع الديمقراطي. لا تستمد من رعاية أي فرد. مهما كان عظيماً. ولا من أي بيئة من البيئات. إلا الفائدة النزرة التافهة. ومن ثم وجب عليك أن تسترعي أنظار الملايين ولا سبيل إلى ذلك إلا الإعلان.

ولاشك في أن أولئك الذين يذهبون إلى نظرية السبرمان. تلك النظرية الطائشة الحمقاء يرون الإعلان من أخلاق العامة وشؤون الغوغاء والسوقة. ولكن أخلق بهم أن يكونوا في النقد عادلين ثابتين. ليعيبوا إذن على الكنائس صخب أجراسها. وضوضاء نواقيسها. لأنها إعلان عن الفرائض الدينية. ولينكروا قاعات المتاحف الباريسية ومعارض الفنون الجميلة لأنها إعلان عن أهل الفنون. وبدائع أعمالهم. وقد يكون أدل على الأرستقراطية وأتم على النبل أن لا تدق للكنائس والبيع أجراس. بل ينتظروا حتى يجيء المؤمنون المتقون إلى الكنيسة من أنفسهم. وإن لا تعرض حسنات العبقرية على الجمهور. بل تترك في حجرة المصور حتى يجيء فيشهدها نقادة جهبذ. ولكن من ذا الذي يجرأ على أن يمتدح هذه الطريقة المبتكرة اليوم؟.

من المستطاع أن تنشر الإعلانات بطريقة ثقيلة. منحطة. سوقية، ومن الهين أن تكتب بأسلوب جميل صادق مهذب، تستطيع الإعلانات أن تسترعي الغرائز السافلة، وتستدعي الغش والمين، كما تستطيع أن تلفت الذهن، والعقل، والعواطف.

وللإعلان بالطريقة الصائبة الجميلة يجب أن تكون ملماً بروح الفرد. وروح الجماعات ينبغي أن تكون رجلاً مهذباً أميناً. طيباً. صادقاً. ويجب أن تكون على شيء من الفن فهل يتيسر هذا كله!.