للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قالت الكونتيس: ارفعي صوتك ما خطبك يا بنية؟ هل فقدت صوتك؟ رويدك قربي مني هذا المسند القدمي، أدنيه قليلاً، كفى، كفى.

ارمي الكتاب يا ليزافيتا، أي هذر وهذيان، رديه إلى البرنس مع الشكر الجزيل. . ولكن أين المركبة؟.

قالت الآنسة وأطلت في الشارع المركبة مستعدة، كيف بقيت بلا لبس حتى الآ،؟ هذا دأبك لا تزالين تجشميني مشقة انتظارك. هذا ما لا يطاق ولا يحتمل يا عزيزتي.

فأسرعت ليزا إلى غرفتها ولم يمض عليها هنالك دقيقتان حتى شرعت الكونتيس تدق الجرس بأقصى قواها فتبادر الوصائف الثلاث مسرعات إليها من باب وهجم الخادم من الباب الآخر.

فصاحت الكونتيس مغضبة: عجباً لكن! لا تجبن لي دعاء قط كلما ناديتكن خبرن ليزافيتا إيفانوفنا أني في انتظارها.

وهنا عادت ليزافيتا لابسة برنسها وقبعتها.

قالت الكونتيسة: لقد طالت غيبتك يا ليزافيتا ولكن لماذا كل هذا التأنق في اللبس وهذا التبرج؟ ومن يا ترى تريدين اقتناصه بحبائل زينتك وفتنتك؟ وماذا ترين حالة الجو الآن، إنه ليوم ريبح.

قال الخادم: كلا يا مولاتي الجو هادئ ساكن.

إنك لا تدري ما تقول، افتح النافذة، ألا تحس الريح والبرد؟ جرد الخيل من العدة واللجم. لا داعي للخروج يا ليزافيتا. ولم تكوني بحاجة إلى كل هذا التزين والتبرج.

فقالت ليزافيتا في نفسها: ما هذا العذاب الأليم! ويلي من هذه العيشة ثم ويلي.

والواقع أن ليزافيتا كانت في شقوة وبلاء لقد قال شاعر إيطاليا المخلد (دانتي): ما أمر خبز الأجنبي وما أوعر سلعه. ولكن أي مخلوق أعرف بمرارة الاحتياج من الفتاة الشقية المقضي عليها بمرافقة عجوز غنية! نحن لا نقول أن الكونتيس كانت فظة غليظة القلب ولكنها كانت سريعة التقلب والتلون جمة الحالات والأهواء شأن المرأة التي تبطرها النعمة ويفسدها تملق الأتباع وتزلف المتقربين. فضلاً عما جبلت عليه من الطمع والأنانية، فهي في ذلك كسائر العجائز اللائي قد مر بهن أطيب عيشهن وأرغد أيامهن، فنفوسهن تذهب