للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أربت على الثمانين فلا يبعد أن تموت في ظرف أسبوع بل في ظرف ساعات. . كلا! إنما الورقات الثلاث الرابحة ليست سوى الاقتصاد والاعتدال والجد. هذه هي أوراقي الثلاث، فبها أضعاف رأس مالي وأزيد عليه سبعة أمثالي وأنال الخفض والرخاء والسعادة.

وكذلك استرسل هرمان في هذه الخواطر وهو يجوب طرقات المدينة حتى انتهى إلى أحد شوارعها الكبار وأبصر أمامه منزلاً عتيق الطراز واسع الأرجاء وكان الشارع غاصاً بالمركبات الفاخرة وكلها يتجه عند باب تلك الدار المزدان بوهاج المصابيح فتارة ينزل من تلك المركبات إلى أرض الطريق قدم لطيفة لكاعب حسناء وتارة حذاء ثقيل لضابط من الفرسان وأخرى جورب حريري وحذاء رقيق لأحد أعضاء العالم السياسي. وكذلك جعلت الفراء الناعمة والبرانس اللينة معاً تتوالى في نظام متصل مارة إلى ساحة الدار أمام بوابها الضخم الجسيم.

فوقف هرمان وسأل الخفير القائم في زاوية الطريق: من صاحب هذه الدار؟

فأجاب الخير: الكونتيس أـ

فشخص الفتى في الفضاء وتذكر مرة أخرى نبأ الورقات الثلاث المدهش العجيب. ثم أقبل يخطر جيئة وذهاباً أمام الدار يفكر في صاحبته وسرها الغريب.

ولما عاد إلى مثواه وأراد النوم انتابه الرق والسهاد مدة طويلة فلما هوم للنعاس تراءت له في المنام مائدة القمار وعليها أوراق اللعب وأكداس الذهب والفضة والبنكنوت وأُري أنه يعلب ورقة أثر أخرى كلها رابح وأنه يصيب العسجد واللجين والبنكنوت في جيوبه صباً حتى تطفح بهذه النفائس.

ولما استيقظ في الصباح أخذ يتنفس الصعداء على ما قد خسر من تلك الثروة الخيالية. ثم غادر مثواه وانطلق في شوارع المدينة حتى أبصر نفسه كرة أخرى أمام قصر الكونتيس وكأنما اجتذبته إلى هنالك قوة خفية مجهولة. فوقف ونظر إلى النوافذ فلمحت عينه في إحداها رأساً تزينه لمة جثلة سوداء وهو منكس يحنو فوق شيء لعله كتاب أو منسج تطريز.

ثم رفع الرأس فرأى هرمان وجهاً ذا نضرة ونعمة تتألق في صفحته المصقولة عينان سوداوان.