للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

راعها وأرهبها. فعنفت نفسها على طيشها وتهورها ولم تدر ماذا تصنع أتمتنع عن الجلوس عند النافذة فتقف الفتى عند حده بهذا الصدود والانصراف؟

أترد عليه رسالته أم تجيبه عليها جواباً فاتراً أصلاً.؟ إلا أنها لتفتش حولها على مخلوق تبثه همها وتعرض عليه حالها من القلق والحيرة فلا تجد لها من صديق ولا رفيق ولا معين ولا نصير ولا مرشد ولا مشير فأصرت أخيراً على إجابته.

فجلست إلى مكتبها الصغير وتناولت قلماً وقرطاساً وشرعت تفكر، فبدأت الرسالة عدة مرات ثم مزقتها، إذ بدا لها أن أسلوب تعبيرها كان تارة يطمع ويستميل للينه ورقته وتارة يؤذي ويجرح لجفائه وقسوته. وأخيراً استطاعت أن تسطر بعض كلمات رضيتها وارتاحت لها وهي:

لا شك عندي أن غرضك نبيل وغايتك شريفة، وإنك لا تريد أن تسوءني بأدنى ما يحرج مركزي أو يضير سمعتي، ولكن لا أرضى أن تكون فاتحة تعارفنا بهذا الأسلوب الذي تسلك.

وأرجو أن لا أرى اليوم الذي أندم فيه على ما ألقاك به الساعة من هذا الإهمال والصدود الذي لم تستحقه مني.

ولما ظهر هرمان في اليوم التالي بموقفه المعهود قامت لزيافيتا عن منسجها فمضت إلى غرفة الاستقبال ففتحت نافذتها وألقت الرسالة في الطريق واثقة أن الفتى عنده من الفطنة وسرعة الإدراك ما يبعثه على التقاطها.

فأسرع هرمان إلى الرقعة فالتقطها ثم أوى إلى حانوت حلوى ففض الطرف فألفى فيه رسالته وجواب ليزافيتا وكان يتوقع ذلك فعاد على منزله وذهنه مشغول بما بدير من الدسيسة.

وبعد مشي ثلاثة أيام على ذلك جاءت صبية مشرقة العينين صانعة في حانوت ملابس إلى ليزافيتا برسالة. ففضتها ليزافيتا بيد مضطربة قلقه وهي تخشى أن تكون من صاحب دين يطالب ببقية حسابه ولكنها لم تلبث أن عرفت فيها خط هرمان.

فقالت للصبية: لقد أخطأت غرضك يا عزيزتي هذه الرقعة ليست لي.

فأجابت الفتاة مبتسمة ابتسامة معنوية: بل إنها لك يا سيدتي تفضلي بقراءتها.