للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بابان. فالأيمن منهما يفضي إلى مقصورة لا تدخلها الكونتيس أبداً. والأيسر يفي إلى دهليز في أقصاه سلم متعرج - هذا السلم يؤدي إلى غرفتي.

فبقي هرمان ينتفض كالنمر أثناء انتظاره الموعد المضروب ولما جاءت الساعة العاشرة كان واقفاً حيال قصر الكونتيس وكان الجو فظيعاً إذ كانت الريح تعصف هوجاء مجنونة والجليد يتساقط صفائح عراضاً. وضوء المصابيح متضائل والشوارع قفرة خاوية ولكن هرمان كان ملتفاً في عباءة كثيفة لا يحس ريحاً ولا جليداً.

وأخيراً ظهرت مركبة الكونتيس وأبصر هرمان خادمين سميني يحملان شخص الكونتيس المحدودب المقوس ملفوفاً في الفرو الأسود وخلفها ليزافيتا في ملاءة دافئة د زينت رأسها بباقة نضرة من الزهر ثم أغلق باب المركبة وانحدرت على الثلج اللين وأغلق باب القصر وأظلمت النوافذ.

وجعلهرمان يقبل في الطريق ويدبر ويحوم حول القصر المهجور ثم وقف تحت مصباح ونظر في ساعته فألفاها اثنتي عشرة إلا عشر دقائق. فبقي ثابتاً مكانه تحت المصباح ينظر في الساعة بفارغ الصبر انقضاء الدقائق الباقية.

فلما كانت الساعة الثانية عشرة بالضبط صعد هرمان سدة الباب ودخل الساحة المشرقة بالمصابيح الوهاجة فلم يجد للبواب أثراً فأسرع هرمان مصعداً في السلم وفتح باب الردهة فألفى بها خادماً نائماً في كرسييه إلى جنب مصباح فاجتازه هرمان بقدم خفيفة ثابتة.

وكانت غرفة الجلوس في ظلام إلا شعاعاً ضئيلاً كان يتسرب إليهما من مصباح الردهة.

بلغ هرمان مرقد الكونتيسة فألفى في إحدى زواياه مزاراً مملوءاً بدمى وتماثيل للقديسين والقديسات وأرائك عليها الوسائد والحشايا اللدنة الناعمة وهي منضودة في نظام محكم قد نصلت أصباغها لطول القدم ولاحت عليها معاني الوحشة والكآبة وكانت الجدران مغشاة بأثواب من حرير الصين. وعلى أحد جانبي الحجرة كان يتدلى صورتان رسمتهما في باريز المصورة الشهيرة ليبران. إحداهما صورة رجل بادن ضخم أشقر اللون يناهز الأربعين في حلة عسكرية خضراء ناضرة على صدره نجمة.

الثانية صورة امرأة صغيرة ذات أنف أشم يزين جبينها طرة مصفوفة ويحلى شعرها وردة حمراء. وفي أركانالحجرة وزواياها تماثيل رعاة من الصيني وساعات موائد من عمل