للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والحادثة هي السالب والإرادة هي القطب الشمالي والعمل هو القطب الجنوبي والشخصية منزلها الشمال فهي تشاطر الشمال تياراته الجاذبة فأما النفوس الضئيلة فمدفوعة إلى الجنوب ومسوقة إلى القطب السالب. وهي (أي النفوس الصغيرة) تنظر إلى العمل من خلال النفع والضرر فلا تفطن إلى مبدءٍ ما حتى تبصره مجسّماً في رجل. تحاول أن تؤتي محابّ القلوب لا أن تتسربل بالحسن وترتدي بالملاحة. وذوو الشخصية لا يكرهون أن تعد معايبهم وتحصى معايرهم والفريق الأول لا يهتز لذكر العيوب ولا يهتش لنعى المثالب يقدس الحوادث ويجتزئ بما يطفُّ له من الحقائق والعلائق والظروف وأين هذا من البطل الفحل الذي يرى أن الحوادث ما كانت إلا لتتبعه وما خلقت إلا ليردفها وراءه. وتقلب الظروف وانتقال الأحوال لا يصلحان فساد النفس ووهن الشخصية. ولطالما تباهى أهل هذه العصور بأنهم قد نقضوا مرة الخرافات وقهروا عزتها وهذا من فاسد الأوهام وبعيد المزاعم - وأي جدوى على في أني لا أذبح للآلهة الذبائح ولا أتوسل إليهم بالقرابين إذا كانت قوائمي ترجف من الرأي العام - كما ندعوه - وجناني ما يستقر من فزعي من اللصوص وجيران السوء وأراجيف الغواة وإشاعات الفتن والثورات. الحقيقة أن عيوبنا تتشكل في صور شتى وأشكال عديدة فإذا كنت هيوباً فلا بد أن يأخذك الرعب ويستفزك الفرق لأن المرء يسير في الحياة تحيط به نفسه وليس في وسعه أن يخلص منها. وأنه لمن العار أن يلجأ المرء إلى الحوادث لتثبت له صدقه وقدره فإن المالي لا يعمد في كل ساعة إلى السمسار بل يكتفي بأن يرى في الصحف أن أسهمه ارتفعت كذلك المسرة التي يدخلها على النفس وقوع خير الحوادث على خير وجه أحلى منها شعر المرء أن منزلته صاعدة في معارج الرفعة وأنه أصبح بفضلها وفي يده قياد الحوادث وزمام الأمور.

وآية الشخصية الاكتفاء بالنفس وأنا أجل الرجل الغني الوجه أعني الذي أراه فاذكر الأريحية والسماحة والبذل ولا أذكر الوحشة والفاقة والنفي والشقاء والشخصية قطب تدور حولها رحى الأمور وتجول وهي ما لا يمكن قلبه. وصاحبها يرينا معنى الكتلة فإن المجتمع طياش رقيع يقطع الأيام خِرَقاً والحديث شجوناً تذهب ببعضها الرسميّات وبالبعض الآخر الاعتذارات ولست أقنع من الرجل الأروع بما يبوئنا من كرمه ويجود علينا به من خلقه ولطفه فإني لأوثر على ذلك أن أحس قوته واستشعر مُنته واعلم أني قد لقيت امرأ ذا صفة