للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جديدة. وجبة فإن ذلك أمتع لي وله وحسبه أن لا يحفل بتقاليد الناس وآرائهم - وليس من شيء نافع أو صحيح إلا وهو صالح لأن يكون موضعاً للاقتتال. فإن دورنا لتدوي بأصوات الضاحكين وأحاديث السمار والمتفكهين ولكن ذلك كله لا خير فيه ولا فائدة ولا ترجى منه منفعة أو عائدة ولكن الرجل الصعب الخشن القليل الغناء الذي هو في نفسه عقدة تتهدد المجتمع والذي لا يستطيع الناس أن لا يلتفتوا إليه فهم بين أمرين أما أن يعبدوه ويعنوا له وأما أن يبغضوا وينبوا عنه والذي تحس كل الجماعات والزعماء والسقاط أن بينهم وبينه نسباً وصلة - هذا هو الرجل النفاع الذي يخطئ أمريكا وأوروبا ويبهر الإلحاد القائل إنما الإنسان لعبة فدعنا نلعب ونلهو فذلك خير ما نصنع بنور الهداية والإرشاد فإن مواطأة الملأ ومتابعة الرأي العام والإلتجاء في كل أمر من دلائل ضعف الأيمان وخمود شعلة الذكاء فإن ذا البصيرة المظلمة ليعييك أن تصور له البيت أو يراه قائماً ولكن اللوذعى لا يشغل باله لا بالكثرة ولا بالقلة ولا بمن يلتف حوله أو ينفض عنه لأنه قوي في ذاته قانع بنفسه.

وينبغي أن تقوم أعمالنا حسابياً على مادتنا. فإن ميزان الطبيعة ميزان صدق لا يغل شعيرة وجاذبية الرطل من الماء في البحر العاصف أو في البركة الراكدة سواء وكل شيء يعمل حسب صفته وقيمته. وليس يحاول ما لا يستطيع غير الإنسان فإنه واسع فسحة الأمل طويل عنان الرجاء كثير الزعم في غير مزعم والكدم في غير مكدم لا يستحي أن يحاول ما لا تصل إليه مقدرته أو يبلغ إليه مرتقى همته. وكل عمل فاشل إذا هو لم يقم على أساس من الحقيقة لا الخيال: وليس ثمت عمل خيراً من العامل فإذا كان في الرجل قوة كامنة لا تنفك تحفزه وتحثه فهو خليق أن يبلغ ما في نفسه. وليس يكفي أن يعرف العقل العلة وطبابها فإن ذلك لا يبلغ بالمرء حيث تبلغه تلك القوة.

ولست أجد لذة في إحسان لا يقاس إلا بآثاره فإن الحب لا نهاية له وهو وإن فرغت بيادره لا يزال ينفس الكرب ويزيل البث وحامله يطهر بأنفاسه الهواء ومنزله يزين الأرض ويعين الحق. والناس لا يغيب عنهم هذا الفرق فإنا لنعرف الكريم من وجهه لا بمقدار ما اكتتب به لجمعيات البر والرفق وى المرء وضاعة أن تعد محاسنه. وأنت خليق أن تخاف إذا قدر أخوانك أن يحصوا مآثرك تحت عينك فأما إذا لقوك بعيون يغض منها الإجلال