للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

دخلت الدار نطقت أمامها بكلمة أرشانجيل على عدة صور من اللفظ فلم تفقه له معنى.

وبقيت في خلوتي بين البحث والدرس حتى الظهيرة فلما قمت للغذاء ألفيتها عند المائدة تخيط خروقاً في ثيابها وكانت جفت فساءني حضورها ولكني ما كنت لأردها إلى الساحل القفر الموحش تموت فريسة الجوع والبرد ثم أنها نظرت إليّ فأومأت أولاً نحو مهلك السفينة من اليم ثم إلى شخصها ثم رفعت إصبعاً واحدة فعلمت أنها تسألني ألم ينج من الغرق غيرها فأومأت لها برأسي نعم عند ذلك وثبت من الكرسي وأرسلت صيحة جذل ثم رفعت ما كانت تخيط فوق رأسها وانبرت وهي ترجح الثوب من جهة إلى أخرى ترقص كأنما هي ريشة في مهب الريح تجوب أنحاء الغرفة ثم خرجت إلى الضح تراقص الشعاع بأقلق من الشعاع وأمرح وجعلت وهي ترقص تشدو بلحن فيه حزن ورقة ينم على فرط السرور والطرب فناديتها ويلك أيتها الشيطانية ادخلي وكفى! ولكنها أبت إلا تماديا ثم أنها هرعت إلي بغتة واختطفت يدي وإني لعلى غرة فأوسعتها لئماً ولما كنا على الخوان بصرت بقلم فتناولته وكتبت على ورقة سوفي راموسني ثم أومأت إلى شخصها كما لو كانت تقول هذا اسمي وردت إلى القلم وهي تحسب أني سأصنع صنيعها ولكني أغمدته في جيبي آية على أني لا أريد أن تمتد بيني وبينها صلة من حديث أو غيره.

وجعلت بعد ذلك لا آلو أسفاً على ما أتيت من الخطأ المبين بإنقاذي تلك المرأة ومالي ومالها وأين تقع مني أو أقع منها وماذا عليَّ أن تموت أو تبقى؟ وما أنا والله بالفتى الغزل ذي الصبوة فآتي مثل هاتيك الفعال أو لم يكفني وجود العجوز في بيتي حتى أشفعها بهذه المرأة بيد أن العجوز هرمة شمطاء. سمجة شوهاء. لا أربة فيها لشهوان. ولا معشق لولهان. وهذه حديثة ناعمة صاغها الله من طينة الحسن ومائه. وصقلها بسنا الجمال ولألائه. وجعلها ملهى عن الجد ومشغلة عن العمل فأين أرسلها وماذا أصنع بها؟ وأما لو استعنت رجال الشرطة لأقبلوا عليَّ بجمعهم ينظرون في أوراقي ويفحصون أشيائي ويملأون فراغ الدار لغطاً وهذراً وما أبشع والله ذاك وما أشده. ولأهون عليَّ منه احتمال المرأة.

وليت هذا كان آخر البلية فلم يردفها النحس بأخرى. ويا الله ما أغرى هذا الخلق بهارب منهم وما الهجهم بعارف عنهم وما أملأ كل بقعة بهذا الناس الذي منه أفرّ وعنه أذهب فلما أرنقت شمس الأصيل ونفضت على أكناف الرمل ورسا علا صفرته بصفرة وأشعلت