للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إيضاح المراد من مواضع الزلازل والفتن:

أيها السائل, إنك لمحت إلى أن المراد من مواضع الزلازل والفتن هي أرض نجد, وبلادها, واتخذت ذلك سهما رميت به من سكن هذه الخطة, ونحن نعذرك في ذلك, حيث لم تقف على معنى الحديث, وبعد بيانه, نرجو من لطف الله تعالى أن تذعن أنت وأضرابك للحق, إن كنت من أهل الفهم والإنصاف.

أما الحديث فهو قوله صلى الله عليه وسلم في الدعاء "اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا" قالوا: وفي نجدنا يا رسول الله. فكرر ثلاث مرات يدعو للشام واليمن, وهم يقولون "وفي نجدنا" فقال في الرابعة "تلك مواضع الزلازل والفتن" وقد استجيبت دعوته صلى الله عليه وسلم وحصل من البركات بسبب هذه الدعوات, في الشام واليمن, ما هو معروف ومشهور, وهل دونت الدواوين, ووضع العطاء, وجندت الجنود, وارتفعت الرايات والبنود, إلا بعد إسلام أهل اليمن وأهل الشام, وصرف أموالهما في سبيل الله.

ولكن لا يحتج به على صلاح دين أهلهما, إلا من غربت عنه الحقائق, وعدم الفهم لأصول الدين, فضلا عن الفروع والدقائق.

وقد تقدم قوله تعالى {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا} , وجمهور أهل نجد, ك"تميم"و"أسد" و"طي" و"هوازن" و"غطفان" و"بني ذهل" و"بني شيبان" صار لهم في الجهاد في سبيل الله والمقام بالثغور والمناقب والمآثر, لا سيما في جهاد الفرس والروم, ما لا يخفى على من له أدنى إلمام بشيء من العلوم, ولا ينكر فضائلهم, إلا من لم يعرف جهادهم وبلاءهم في تلك المواطن, ولا يشك عاقل أنهم أفضل من أهل الأمصار, قبل استيطان الصحابة وأهل العلم والإيمان.

وأما بعد ذلك, فالفضل والتفضيل, باعتبار الساكن, يختلف وينتقل مع العلم والدين.

<<  <   >  >>