للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فصاحب الجميع يضرب بكل حقه سهمين) (١) أي: يأخذ بحسب كل حقه سهمين وفي المُغْرِب (٢)، وقال الفقهاء فلان يضرب فيه بالثلث أي: يأخذ منه شيئاً بحكم ماله من الثلث.

(ولهذه المسألة نظائر وأضداد) (٣) فمن نظائرها الموصى له بجميع المال وبنصفه عند إجازة الورثة والموصى له بعين مع الموصى له بنصف ذلك العين إذا لم يكن للميّت مال سواه، ومن أضدادها العبد المأذون له المشترك إذا أدانه أحد الموليين مائة درهم وأجنبي مائة ثُمَّ بيع بمائة درهم فالقسمة بين المولى المدين والأجنبي عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- بطريق العول (٤) أثلاثاً (٥) وعندهما (٦) بطريق المنازعة أرباعاً (٧).

وكذلك الْمُدَبَّر (٨) إذا قتل رجلاً خطأ وفقأ (٩) عين آخر وغرم المولى قيمته لهما وكذلك العبد إذا قتل رجلاً عمدًا وآخر خطأ وللمقتول عمدًا اثنان فعفى أحدهما ثُمَّ دفع العبد بالجنايتين ومما اتفقوا على أن القسمة فيها بطريق العول التركة بين الورثة والغرماء إذا ضاقت التركة عن إيفاء حقهم والموصى له بالثلث مع الموصى له بالسدس إذا لم يجز الورثة وممّا اتفقوا على أنّ القسمة فيه بطريق المنازعة فضولي باع عبد رجل بغير أمره وباع فضولي آخر نصفه وأجاز المولى البيعين [فالقسمة] (١٠) بين المشتريين بطريق المنازعة أرباعاً فأصَّل أبو [يُوسُف] (١١) ومُحَمَّد أن قسمة العين متى وجبت لسبب حق في العين كانت القسمة على طريق العول كالتركة بين الورثة ومتى وجبت لا بسبب حق كان في العين في الأصل فالقسمة على طريق المنازعة كما في بيع الفضولي فإنّ حق كل واحد من المشتريين كان في الثمن يتحول بالشراء إلى المبيع وفي مسألة الدَّعْوَى حق كل واحد من المدّعيين في العين فكانت القسمة على طريق العول بمعنى أنّ حق كل واحد منهما شائع في العين فما من جزء إلا وصاحب القليل يزاحم فيه صاحب الكثير بنصيبه فلهذا كانت القسمة فيه بطريق العول والأصل عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- أنّ كل واحد منهما إذا كان [يُدلي] (١٢) بسبب صحيح معلوم فالقسمة على طريق العول كالورثة في التركة وإذا كان [يدلي] (١٣) لا بسبب صحيح ثابت فالقسمة على طريق المنازعة وما لا منازعة فيه لصاحب القليل يسلم لصاحب الكثير كما في بيع الفضوليين فإن بيع كل واحد منهما غير صحيح قبل إجازة المالك؛ وهذا لأنّ المضاربة إنّما يصار إليها عند الضرورة وذلك عند قوة السّبب واستواء السببين في صفة الصحة، وفي مسألة الدَّعْوَى سبب استحقاق كل واحد منهما الشهادة وهي لا توجب شيئاً قبل اتصال القضاء بها فلم يكن كل واحد من السببين معلوم الصحة فلهذا كانت القسمة على طريق المنازعة وما قالاه يبطل بحق الغرماء في التركة فإنَّ قسمة العين بينهم بسبب حق كان في الذمة ومع ذلك كانت القسمة عوليّة كذا في المَبْسُوط (١٤).


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٧٣).
(٢) يُنْظَر: المُغْرِب في ترتيب المُعْرب؛ للمطرزي (٢/ ٧).
(٣) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٧٣).
(٤) العول في اللغة الميل إلى الجور والرفع وفي الشرع زيادة السهام على الفريضة فتعول المسألة إلى سهام الفريضة فيدخل النقصان عليهم بقدر حصصهم وعول الفريضة، وقد عالت، أي ارتفعت، وهو أن تزيد سهاما فيدخل النقصان على أهل الفرائض. يُنْظَر: الصِّحَاح؛ للجوهري (٥/ ١٧٧٨)، التعريفات (١/ ٢٠٥).
(٥) يُنْظَر: تبيين الحقائق؛ للزيلعي (٤/ ٣٢٣).
(٦) هما أبو يوسف ومحمد. يُنْظَر: البحر الرائق (٧/ ٢٤٦).
(٧) يُنْظَر: الفتاوى الهندية (٦/ ٦٢).
(٨) التدبير: عتق العبد عن دبر، وهو أن يعتق بعد موت صاحبه، فهو مدبر. يُنْظَر: الصِّحَاح؛ للجوهري (٢/ ٦٥٥).
(٩) فَقَأَ العَينَ والبَثْرةَ: كسَرَها. وَقِيلَ قَلعها وبَخَقَها أَي شَقها. والفَقْءُ: الشَّقُّ والبَخْصُ. يُنْظَر: لسان العرب (١/ ١٢٣).
(١٠) [ساقط] من (ج).
(١١) في (ج) (حَنِيفَةَ).
(١٢) في (ج) (يدعي).
(١٣) في (ج) (يدعي).
(١٤) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ١٥٤).