للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان القياس فيما إذا تكرر منه أن يستقبل، ولا يتحرَّى حتى يخرج عن (١) الواجب بيقين لما ذكرنا إلا أنا لو أمرناه بالاستقبال، ويقع له هذا الشك في الاستقبال، ويعجز عن الأداء بما يقع له كل مرة، فسقط عنه الاستقبال دفعًا للحرج، والحديث/ الذي رواه محمول على ما إذا تكرَّر منه بدليل ما روينا نفيًا للمناقضة، وأما (٢) بأن البناء على الأقل صيانة للصلاة عن القطع، قلنا: نعم فيه صيانة الصلاة عن القطع، ولكن مع وهم الفساد؛ لأنه يجوز أنه صلى خمس ركعات، وقيدها بالسجدة، فالبناء على الأقل لا يزيل وهم (٣) الفساد، وفي الاستقبال زوال وهم الفساد، فكان أولى (٤).

وقوله: بأن هذا معنى تكرر لا يوجب الاستقبال، قلنا: القياس فيما تكرر أن يجب الاستقبال؛ لأن هذه صلاة ترددت بين الجواز والفساد على ما بينا إلا أنه إذا تكرر واعتاد ذلك لو قلنا: بأنه يلزمه الاستقبال ربما يعجز عن أداء الواجب. كذا ذكره شيخ الإسلام رحمه الله (٥).

وَالِاسْتِقْبَالُ بِالسَّلَامِ أَوْلَى، أي: وقطع صلاته بالسلام أولى فيما وجب فيه القطع؛ لاستقبال صلاته، وهو فيما عرض له الشك أول مرة؛ لأن السلام عرف محللًا للصلاة شرعًا دون الكلا (٦)، وهذا لدفع شبهة، فإنه عنى بهم الواهم بأن هذا لما كان قطعًا للصلاة لاستقبال صلاته من الابتداء لا يتفاوت الحكم بين السلام والكلام؛ إذ كل منهما قاطع للصلاة (٧).

ومجرد النية يلغو، أي: نفس النية تقطع الصلاة من غير اقتران السلام بها (٨) ليست بكافية للقطع لما ذكرنا قبل هذا أن النية بوصف التجرد لا تأثير لها في الشيء الذي يتوقف تحققه على النية، وعمل الجوارح، وقطع الصلاة من هذا، فلا يثبت بمجرد النية، والله أعلم (٩).


(١) في ب من بدل من عن.
(٢) في ب قوله بدل من أما.
(٣) زيادة من ب (وهم).
(٤) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٥١٩.
(٥) انظر: المرجع السابق.
(٦) في ب الكلام بدل من الكلا.
(٧) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٥١٩.
(٨) زيادة من ب (بها)
(٩) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٥١٩، ومجمع الأنهر: ١/ ٢٢٦.