للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا وجه لإبطال نكاح الولي في حال قيام ولايته ما لم يعلم أنه لم يصادف محله فيكون موقوفًا إلى أن يبلغ؛ فإن ظهرت فيه علامة الرجال وقد زوجه أبوه امرأة حُكِم بصحة النكاح من حين عقد الأب لأنه تبين أن تصرفه صادف محله.

وإن لم يصل إليها أجل (١) كما يؤجل العنين [فإذا كان زوجه رجلًا] (٢) ثم ظهر علامة الرجال فقد تبين أن هذا التصرف لم يصادف محله فكان باطلًا.

وإذا زُوِّج خنثى من خنثى وهما مشكلان على أن أحدهما رجل والآخر امرأة لم أجز النكاح ولم أبطله حتى يتبين أمرهما لأن العقد صدر من الوليين فلا يحكم ببطلانه ما لم يعلم أنه لم يصادف محله؛ ولا يحكم بجوازه لتوهم كونهما أنثيين أو ذكرين أو على عكس ما قدره الوَلِيَّان؛ وإذا ماتا لم يتوارثا لأن الإرث إنما يكون بعد الحكم بالصحة.

وإن قذفه رجل فلا حد على قاذفه (٣) بمنزلة المجبوب والرتقاء إذا قذفهما رجل؛ وهذا لأن القاذف يستوجب الحد بنسبة الرجل إلى فعل يباشره وبنسبة المرأة إلى التمكين من فعل باشره غيرها؛ ومع اشتباه أمره لا يتقرر السبب ولا يدرى أن قاذفه إلى أي فعل نسبه؛ فإن كان قد نسبه إلى مباشرة الفعل وهو امرأة كان قد نسبه إلى محال فيكون بمنزلة قاذف الرتقاء (٤) والمجبوب؛ وإن كان قد نسبه إلى التمكين وهو رجل كان قد نسبه إلى ما هو قاصر في حقه غير موجب للحد عليه؛ وعند اشتباه الأمر لا يمكن إقامة الحد على القاذف.

وذكر في الذخيرة وكذلك قَذْف رجل للخنثى المشكل لا يجب الحد لأنه قذف غير المحصن لأن البلوغ من إحدى شرائط إحصان القذف (٥) [كالإسلام] (٦)؛ والخنثى المشكل إنما يكون قبل البلوغ على ما عليه الظاهر؛ وقذف غير المحصن لا يوجب الحد على القاذف؛ وأما إذا كان القذف بعد بلوغ الخنثى بالسن ولكن لم تظهر فيه علامة يستدل بهاعلى أنه ذكر أو أنثى فقذف [كل منهما يوجب الحد.


(١) في (أ): رجل؛ وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٢) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٣) يرى المالكية والشافعية وهو المتبادر من كلام الحنابلة أن من قذف الخنثى بفعل يحد به الخنثى يجب فيه حد القذف، فإذا رماه شخص بالزنى بفرجه الذكر، أو في فرجه الذي للنساء فلا حد عليه، لأنه إذا زنى بأحدهما لا حد عليه.
ينظر: الشرح الصغير ٤/ ٤٦٣، والخطاب ٦/ ٤٣٣، والكافي ٣/ ٢١٦، وروضة الطالبين ٨/ ٣١١، ٣١٧.
-وذهب الحنفية إلى أنه لا يحد قاذف الخنثى، لأنه إن كان رجلا فهو كالمجبوب، وإن كان امرأة فهي كالرتقاء، ولا يحد قاذفهما، لأن الحد لنفي التهمة، وهي منتفية عنهما، ولكن في ذلك التعزير.
ينظر: البدائع ٧/ ٣٢٩، والأشباه والنظائر لابن نجيم/ ٣٨٣.
(٤) في (أ): الزنا؛ وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب؛ وبه يستقيم المعنى لسياق ما بعده.
(٥) في (ب): الإحصان والقذف؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٦) ساقطة من (أ)؛ وإثباتها من (ب) و (ج) هو الصواب.