للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قائلٌ لقومٍ أهلِ عَدَدٍ كثيرٍ أوْجَفُوا على عَدُوٍّ: أنتم أغنياءُ، فآخُذُ ما أوْجَفْتُم عليه، فأقْسِمُه على أهلِ الصدقاتِ المحتاجِين، إذا كان عامُ سَنَةٍ؛ لأنّهم مِنْ عِيالِ الله، هل (١) الحجَّةُ عليه إلّا أنّ مَنْ قُسِمَ له بحَقٍّ فهو أوْلى به، وإنْ كان مَنْ لم يُقْسَمْ له أحْوَجَ منه؟ فهكذا يَنْبَغِي أن يُقالَ في أهلِ الصدقاتِ، وهكذا لأهلِ المواريثِ، لا يُعْطَى أحَدٌ منهم سَهْمَ غيرِه، ولا يُمْنَعُ مِنْ سَهْمِه لفَقْرٍ ولا لِغِنًى.

وقَضَى معاذُ بنُ جبلٍ: «أيُّما رجلٍ انْتَقَلَ مِنْ مِخْلافِ عَشِيرَتِه إلى غيرِ مِخْلافِ عَشِيرَتِه .. فعُشْرُه وصَدَقَتُه إلى مِخْلافِ عَشِيرَتِه» (٢) .. ففي هذا معنيان؛ أحدُهما: أنّه جَعَلَ صَدَقَتَه وعُشْرَه لأهلِ مِخْلافِ عَشِيرَتِه، لم يَقُلْ: لقَرابَتِه دون أهلِ المِخْلافِ، والآخَرُ: أنّه رَأى أنّ الصَّدَقَةَ إذا ثَبَتَتْ لأهلِ مِخْلافِ عَشِيرَتِه لم تُحَوَّلْ عنهم صَدَقَتُه وعُشْرُه بتَحَوُّلِه عنهم، وكانَتْ كما ثَبَتَتْ بَدْءًا.

فإن قيل: فقد جاء عَدِيُّ بنُ حاتمٍ أبا بكر بصدقاتٍ (٣) والزِّبْرِقانُ بنُ بَدْرٍ .. فهما وإنْ جاءا بها فقد تَكُونُ فَضْلًا عن أهْلِها، ويَحْتَمِلُ أن يَكُونَ بالمدينةِ أقْرَبُ الناسِ بهم نَسَبًا ودارًا ممّن يَحْتاجُ إلى سَعْدٍ مِنْ مُضَرَ (٤)، وطَيِّئٍ مِنْ اليَمَنِ، ويَحْتَمِلُ أن يَكُونَ مَنْ حَوْلهم ارْتَدَّ فلم يَكُنْ لهم فيها حَقٌّ، ويَحْتَمِلُ أن يُؤتَى بها أبُو بكرٍ ثُمّ يَرُدَّها إلى غيرِ أهلِ المدينةِ، وليس في ذلك خَبَرٌ عن أبي بكر نَصِيرُ إليه.


(١) كذا في ز ب س، وفي ظ: «أهل».
(٢) قال أبو منصور في «الزاهر» (ص: ٤٠٣): «المخاليف لأهل اليمن كالرساتيق لنا، واحدها: مِخْلاف، وهي قرًى مجتمعة، يجمعها اسم المخلاف، ولكل قرية أهلون على حدة».
(٣) قوله: «بصدقات» من ز ب س، ولا وجود لها في ظ.
(٤) كذا في النسخ، وفي مطبوعة «الأم» (٢/ ٧٨): «إلى سعة من مضر».