للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن قيل: فإنّه قد بَلَغَنا أنّ عمرَ كان يُؤتَى بنَعَمٍ مِنْ نَعَمِ الصدقةِ .. فبالمدينةِ صدقاتُ النَّخْلِ والزَّرْعِ والناضِّ والماشيةِ، وللمدينةِ ساكنٌ مِنْ المهاجرين، والأنصارُ حُلفاءُ لهم، وأشْجَعُ وجُهَيْنَةُ ومُزَيْنَةُ بها وبأطْرافِها، وغيرُهم مِنْ قبائلِ العَرَبِ، فعِيالُ ساكنِ المدينةِ بالمدينةِ وعيالُ عشائرِهم وجِيرانِهم، وقد يَكُونُ عيالُ ساكِني أطرافِها بها وعيالُ جِيرانِهم وعشائرِهم، فيُؤتَوْن بها، ويَكُونُون مَجْمَعًا لأهلِ السُّهْمان؛ كما تَكُونُ المياهُ والقُرَى مَجْمَعًا لأهلِ السُّهْمان مِنْ العربِ، ولعلَّهم اسْتَغْنَوْا فنَقَلَها إلى أقْرَبِ الناسِ بهم، فكانُوا بالمدينة.

فإن قيل: فإنّ عمرَ كان يَحْمِلُ على إبلٍ كثيرةٍ إلى الشامِ والعراقِ .. فإنّما هي واللهُ أعلم مِنْ نَعَمِ الجزيةِ؛ لأنّه إنّما يَحْمِلُ على ما يَحْتَمِلُ مِنْ الإبلِ، وأكثرُ فرائضِ الإبلِ لا تَحْمِلُ أحَدًا، قد كان يُبْعَثُ إلى عُمَرَ بنَعَمِ الجزيةِ، فيَبْعَثُ فيَبْتاعُ بها إبلًا جِلَّةً فيَحْمِلُ عليها (١).

(٢٠٠٣) وقال بعضُ الناسِ (٢) مِثْلَ قَوْلِنا في أنّ ما أُخِذَ مِنْ مسلمٍ فسَبِيلُه سبيلُ الصدقاتِ، وقالوا: والركازُ سبيلُ الصدقاتِ، ورَوَوْا ما رَوَيْنا؛ أنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «في الركاز الخمس»، وقال: «المعادِنُ مِنْ الرِّكازِ، وما أصِيبَ مِنْ دِفْنِ الجاهليَّةِ مِنْ شَيْءٍ فهو رِكازٌ»، ثُمّ عاد لما شَدَّدَ فيه فأبْطَلَه، فزَعَمَ أنّه إذا وَجَدَ رِكازًا فواسِعٌ فيما بَيْنَه وبَيْنَ اللهِ أن يَكْتُمَه، وللوالي أن يَرُدَّه عليه بعدما يَأخُذُه منه، أو يَدَعَه له، فقد أبْطَلَ بهذا القولِ السُّنَّةَ في


(١) «الإبل الجِلّة»: السمان العظام، مثل: البُزُل والرُّبُع والسُّدُس، فأما بنات اللبون والحِقاق فليست من الجِلّة. «الزاهر» (ص: ٤٠٤).
(٢) يشير إلى أبي حنيفة. وانظر: «الحاوي» (٨/ ٥٥٣).