للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الطّلاقِ والظِّهارِ لا يَعْقِلُ ما يَقُولُ، وهو أحَدُ قَوْلَيْه في القديمِ في الظِّهارِ (١).

(٢٤٤٥) قال الشافعي: ولو تظاهر منها، ثُمّ تَرَكَها أكْثَرَ مِنْ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ .. فهو مُتَظاهِرٌ، ولا إيلاءَ عليه يُوقَفُ له، لا يَكُونُ المتظاهِرُ به


(١) قال الماوردي في «الحاوي» (١٠/ ٤١٩): «مذهب الشافعي في الجديد والقديم، وما ظهر في جميع كتبه، ونقله عنه سائر أصحابه غير المزني: أن طلاق [السكران المتعدي بسكره] وظهاره واقع كالصاحي، ونقل المزني عنه قولًا ثانيًا في القديم: أن طلاقه وظهاره لا يقع، فاختلف أصحابنا فيما نقله عنه، فأثبته بعضهم قولًا ثانيًا؛ لثقة المزني في روايته وضبطه لنقله، ونفاه الأكثرون وامتنعوا من تخريجه قولًا ثانيًا؛ لأن المزني وإن كان ثقة ضابطًا فليس من أصحابه في القديم، ومذهبه في القديم إما أن يكون مأخوذًا من كتبه القديمة، وليس فيها هذا القول، وإما أن يكون منقولًا من أصحاب القديم، وهم: الزعفراني، والكرابيسي، وأبو ثور، وأحمد بن حنبل، (والحارث ابن سريج النقال)، وأبو عبدالرحمن الشافعي، ولم ينقل عن واحد منهم هذا القول، فلا يجوز أن يضاف إليه، ويجوز أن يكون سمعه من بعض أصحاب القديم مذهبًا له فوهم ونسبه إلى الشافعي؛ لأن أبا ثور يرى ذلك مذهبًا لنفسه، فصار مذهبه قولًا واحدًا في الجديد والقديم أن طلاق السكران وظهاره واقع».
قال عبدالله: كذا قال، والذي مال إليه الشيخان وحكياه عن الأكثرين هو إثبات القول الثاني عن القديم، وينبه إلى أن اسم «الحارث بن سريج النقال ورد في مطبوعة الحاوي على أنه: «الحارث وابن سريج والقفال»، فجعل الواحد ثلاثة، وأدرج في رواة القديم من لم يَلقَ الشافعي بل ولا أصحابه، وقد سبقت مسألة طلاق السكران فلتراجع (المسألة: ٢٣٤٧)، والله أعلم.
فائدة: جاء في هامش س: «قال الهروي: لو كان ارتداد السكران مثل ارتداد المجنون لكانت الاستتابة عنه (صارفة)؛ لأنه يكون في معنى من لم يرتد، فلما وجب عليه التوبة ورأى الاستتابة بعد أن يصحوا، فقد دل أنه جعل لارتداده في السكر حكمًا لم يجعله على المجنون الذي لا يجري عليه الحكم، وحكم الطلاق أنه حق من الحقوق يلزم الرجل لامرأته إذا هو طلقها في غير نوم ولا جنون ولا صغر؛ لأن هذه الأصول هي التي قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رفع القلم عن ثلاثة: … ) ثم ذكرهم، فيكون الطلاق لازمًا للسكران؛ لأنه خارج عن هؤلاء الثلاثة الذين القلم عنهم مرفوع، ولما كان حكم الله تبارك وتعالى في المرتد أن يستتاب، (ولا استتابة) من الطلاق ولا من جناية تكون من السكران على أنفس الناس وأموالهم كان ذلك لازمًا له، وكانت الاستتابة على أصل ما أوجب الله الاستتابة منه واجبًا له، إلا في قول من لا يرى الاستتابة؛ فإن ناسًا ذهبوا إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ بَدَّلَ دِينَه فاقتلوه)؛ فإن القتل واجب عليه، ومذهبنا الاستتابة بالسنة والأثر عن ابن عمر».