للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١٤٨٤) وإذا أقَرَّ الرجلُ للحَمْلِ بدَيْنٍ .. كان الإقرارُ باطلًا حتّى يقولَ: «كان لأبي هذا الحَمْلُ أو لجَدِّه عليَّ مالٌ وهو وارثُه»، فيكونُ إقرارًا له.

قال المزني: «قلت أنا» (١): هذا عندي خلافُ قولِه في «كتاب الوكالة» [ف: ١٤٦٨] في رجلٍ يُقِرُّ أنّ فلانًا وكيلٌ لفلانٍ في قبضِ ما عليه أنّه لا يَقْضِي عليه بدَفْعِه؛ لأنّه مُقِرٌّ بالتوكيلِ في مالٍ لا يَمْلِكُه، ويقولُ له: إنْ شِئتَ فادْفَعْ أو دَعْ، فكذا هذا أقَرَّ بمالٍ لرجلٍ وأقَرَّ عليه أنّه ماتَ ووَرِثَه غيرُه، وهذا عندي بالحقِّ أوْلى، وهذا وذاك عندي (٢) سواءٌ، فيَلْزَمُه ما أقَرَّ به فيهما على نَفْسِه (٣)، فإنْ كان الذي ذَكَرَ أنّه مات حَيًّا وأنْكَرَ الذي له المالُ الوكالةَ رَجَعا عليه بما أتْلَفَ عليهما (٤).


(١) «قلت أنا» من ب.
(٢) «عندي» من ظ ز.
(٣) في ز: «وارثه».
(٤) يقول المزني: قد قال الشافعي ههنا - وسيأتي نحوه في الفقرة: (١٥٠٧) من نفس الباب أيضًا - خلاف ما قال في «كتاب الوكالة»؛ لأنه قال هناك: إذا أقر بمال لرجل وهذا وكيله فالمقر بالخيار، إن شاء دفع إلى الوكيل، وإن شاء لم يدفع، ولم يجعل المقر ههنا بالخيار إذا أقر للحمل، بل ألزمه الدفع، ويقول المزني: إن الإلزام في المسألتين أصح، ثم إن جحد الموكل التوكيل أو ظهر الأب حيًّا رجعنا عليه، هذا معنى كلامه على ما ذكره الروياني في «البحر» (٦/ ١٢١)، قال: «وفي إيجازه إشكال فلهذا شرحنا»، قال: «ما أنصف المزني حيث قال: هذا خلاف ما قال في «كتاب الوكالة»؛ لأن المخالفة بين المسألتين إنما يُتصوَّر بعد استواء الصورتين، وليستا بمستويتين؛ لأن الإقرار في «كتاب الوكالة» صحيح، لا يختلف المذهب فيه، ثم تكلم الشافعي في لزوم التسليم، فقال: لا يلزمه التسليم إلى الوكيل، فإن شاء دفع، وإن شاء منع، فأما في هذا الموضع .. فإنما تكلم الشافعي في صحة أصل الإقرار، لا في وجوب الدفع، والدفع فرع على الأصل، فكيف يدعي أن هذا خلاف ما قال في كتاب الوكالة».
قال عبدالله: الشافعي تعرض في مسألة الإقرار للحمل إلى صورتين: إحداهما - إذا أسند إقراره إلى جهة صحيحة، وهي الصورة الثانية في نص «المختصر»، والإقرار في هذه الصورة صحيحة قطعًا، والصورة الثانية وهي الأولى في نص المختصر - إذا أطلق الإقرار، وفيه قولان: أحدهما - أنه باطل، وهو ظاهر نص «المختصر» نقلًا من «كتاب الإقرار والمواهب»، وأظهرهما - أنه يصح، وقد جاء في ب مشطوبًا عليه قبل تعقيب المزني: «وفي رواية الربيع في «كتاب الإقرار بالحكم الظاهر»، وإذا قال: «لما [في] بطن هذه المرأة»، لامرأة حرة، أو أمة، أو أم ولد .. فالإقرار جائز، قال: وإنما أجزت الإقرار لما في البطن؛ لأنه يملك بالوصية، فلما كان يملك بحال لم أبطل إقراره»، وكلمة «في» بين المعقوفتين زدتها على المخطوط.
ثم إذا جئنا إلى مسألة الدفع قال الروياني: «اختلف مشايخنا فيه بخراسان: فمنهم من جعل المسألتين جميعًا على قولين: أحدهما - يلزمه الدفع فيهما وإن كان يخشى رجوعًا في المستقبل، والثاني - لا يلزمه الدفع إليهما؛ إذ لا يأمن مطالبة تلحقه من بعد، ومن أصحابنا من ألزمه الدفع في مسألة الحمل؛ حيث يصح منه الإقرار، ولم يلزمه ذلك في مسألة الوكيل؛ لأنه معترف بموت الحمل والميت لا يحيا، فإن كان حيًّا فقد أتى من جهة نفسه حيث كذب، والموكل قد يجحد التوكيل مع صدق المقر في تقدم التوكيل».
انتهى كلام الروياني، وانظر: «العزيز» (٨/ ٢٢٧) و «الروضة» (٤/ ٣٥٧).