للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الأمثلة على الايجاز والاختصار في التوجيه:

قال الإمام الألوسي عند تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} (١): «وغير سبحانه الأسلوب حيث قال أولاً: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ} (٢) وهنا {وَإِذَا قُلْنَا} بضمير العظمة لأن في الأول خلق آدم واستخلافه، فناسب ذكر الربوبية مضافاً إلى أحب خلفائه إليه وهنا المقام مقام إبراد أمر يناسب العظمة وأيضاً في السجود تعظيم، فلما أمر بفعله لغيره أشار إلى كبريائه الغنية عن التعظيم» (٣).

وعند تفسيره لقوله تعالى: {وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (٤) قال: «وفصلت الآية السابقة بـ {يَتَفَكَّرُونَ} (٥)؛ لأنها كانت لبيان الأحكام والمصالح والمنافع والرغبة فيها التي هي محل تصرف العقل والتبيين للمؤمنين فناسب التفكر، وهذه الآية بـ {يَتَذَكَّرُونَ} لأنها تذييل للإخبار بالدعوة إلى الجنة والنار التي لا سبيل إلى معرفتها إلا النقل والتبيين لجميع الناس فناسب التذكر» (٦).

أيضًا عند تفسيره لقول الله عز وجل: {فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ} (٧) قال: «لا تعارض بين ماهنا وقوله سبحانه: {كَأَنَّهَا جَانٌّ} (٨) بناء على أن الجان هي الحية الصغيرة لما قالوا: إن القصة غير واحدة، أو أن المقصود من ذلك تشبيهاً في خفة الحركة بالجان لا بيان جثتها، أو لما قيل: إنها انقلبت جاناً وصارت ثعباناً فحكيت الحالتان في آيتين» (٩).

من خلال الأمثلة السابقة يتضح سهولة أسلوب الإمام الألوسي في التوجيه وإيجازه، وهذا هو الغالب على أكثر توجيهاته.


(١) سورة البقرة، الآية: (٣٤).
(٢) سورة البقرة، الآية: (٣٠).
(٣) روح المعاني، (١/ ٢٣٠).
(٤) سورة البقرة، الآية: (٢١٩).
(٥) سورة البقرة، الآية: (٣٠).
(٦) روح المعاني، (١/ ٥١٤).
(٧) سورة الأعراف، الآية: (١٠٧).
(٨) سورة النمل، الآية: (١٠).
(٩) روح المعاني، (٥/ ٢٠).

<<  <   >  >>