للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يظن ذلك الجاهل المغرض، بل هو مما يرفع من شأنه، ويزيد من فضله؛ فإن له في ذلك الأسوة الحسنة بالسلف الصالح والأئمة الأربعة ومن تبعهم بإحسان، وليس منهم يقيناً علماء الكلام، كيف وهم القائلون: "علم السلف أسلم، وعلم الخلف أعلم وأحكم" (١) ؟! وهذا هو الكفر بعينه لو كانوا يعلمون، {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} (٢) .

كيف لا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رأس السلف الذين غمزوا من علمهم! وليس الآن مجال ضرب الأمثلة التي خالفوا فيها سلف الأمة، ولكن يكفي المسلم الموفق أن يعلم أنهم وافقوا المعتزلة والخوارج في كثير من ضلالاتهم، من ذلك قولهم بأن القرآن كلام الله مخلوق، لكنهم لا يصرحون تصريح المعتزلة، بل يقولون -تقية-: كلام الله، غير مخلوق"! ثم يتأولونه بالكلام النفسي الذي لا يسمع! ولكنه يفهم! فعطلوا بذلك صريح قوله تعالى لكليمه موسى عليه السلام: {فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} (٣) ، فجعلوا الكلام الإِلهي هو العلم الإِلهي (٤) ، فعطلوا صفة الكلام، ولكن باللف والدوران! تماماً كما فعل المعتزلة -أو بعضهم- بصفة السمع والبصر، فقالوا: إن المراد: العلم (٥) ! فعطلوا بذلك صفتي السمع والبصر كما عطلوا صفة


(١) انظر "حاشية الباجوري" (ص ٥٥) . وانظر إبطال هذه الخرافة في مقدمتي لكتابي "مختصر العلو" (ص ٣٤-٣٦) .
(٢) الكهف: ٥.
(٣) طه: ١٣.
(٤) وهو مذهب الكوثري الجهمي، كما صرح في "مقالاته" (ص ٢٧) ، شيخ ذاك الجاهل الباغي السقاف.
(٥) انظر مقدمتي لكتابي "مختصر العلو" (ص ٢٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>