للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعث عمرو بن العاص إلى جيفر وعبد ابني الجلندي [١] من الأزد بعمان مصدقا فأطاعوا له بذلك. واستعمل صلى الله عليه وسلم مالك بن عوف على من أسلم من قومه ومن سلم منهم وماله حوالي الطائف من ثقيف، وأمره بمغادرة الطائف من التضييق عليهم ففعل حتى جاءوا مسلمين كما يذكر بعد. وحسن إسلام المؤلفة قلوبهم ممن أسلم يوم الفتح أو بعده وإن كانوا متفاوتين في ذلك. ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن زهير فأهدر دمه وضاقت به الأرض، وجاء فأسلم وأنشد النبي صلى الله عليه وسلم قصيدته المعروفة بمدحه التي أوّلها:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

إلخ. وأعطاه بردة في ثواب مدحه فاشتراها معاوية من ورثته بعد موته وصار الخلفاء يتوارثونها شعارا.

ووفد في سنة تسع على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بنو أسد فأسلموا وكان منهم ضرار بن الأزور، وقالوا: قدمنا يا رسول الله قبل أن يرسل إلينا فنزلت «يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ٤٩: ١٧» (الآية) . ووفد فيها وفدتين في شهر ربيع الأول ونزلوا على رويفع بن ثابت البلوي. وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد منصرفه من الطائف في ذي الحجة إلى شهر رجب من السنة التاسعة.

ثم أمر الناس بالتهيؤ لغزو الروم: «وكان في غزواته كثيرا ما يوري بغير الجهة التي يقصدها على طريقة الحرب إلا ما كان من هذه الغزاة لعسرها بشدّة الحرب، وبعد البلاد وفصل الفواكه وقلّة الظلال وكثرة العدو الذين يصدّون. وتجهز الناس على ما في أنفسهم من استثقال ذلك، وطفق المنافقون يثبطونهم عن الغزو، وكان نفر منهم يجتمعون في بيت بعض اليهود، فأمر طلحة بن عبيد الله أن يخرّب عليهم البيت فخرّبها [٢] . واستأذن ابن قيس من بني سلمة في القعود فأذن له وأعرض عنه، وتدرّب كثير من المسلمين بالإنفاق والحملان وكان من أعظمهم في ذلك عثمان بن عفّان يقال إنه أنفق فيها ألف دينار وحمل على تسعمائة بعير ومائة فرس وجهز ركابا.

وجاء بعض المسلمين يستحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجد ما يحملهم عليه فنزلوا باكين لذلك، وحمل بعضهم يامين بن عمير النضري وهما أبو ليلى بن كعب من بني مازن بن النجّار وعبد الله بن المغفل المزني. واعتذر المخلفون من الأعراب


[١] وفي نسخة اخرى: الى أهل حنين وعمرو بن الجلندي.
[٢] وفي النسخة الباريسية: ان يحرق عليهم البيت فحرقها.

<<  <  ج: ص:  >  >>