للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم نهض وخلّف على المدينة محمد بن مسلمة وقيل بل سبّاع بن عرفطة وقيل بل عليّ ابن أبي طالب، وخرج معه عبد الله بن أبي بن سلول في عدد وعدّة، فلما سار صلى الله عليه وسلم تخلّف هو فيمن تخلّف من المنافقين. ومرّ صلى الله عليه وسلم على ديار ثمود فأمر أن لا يستعمل ماؤها ويعلف ما عجن منه للإبل، وأذن لهم في بئر الناقة، وأمر أن لا يدخلوا عليهم بيوتهم إلّا باكين، ونهى أنّ يخرج أحد منفردا عن صاحبه، فخرج رجلان من بني ساعدة خنق [١] أحدهما فمسح عليه فشفي، والآخر رمته الريح في جبل طي فردّوه بعد ذلك إلي النبيّ صلى الله عليه وسلم. وضلّ صلى الله عليه وسلم ناقته في بعض الطريق، فقال أحد المنافقين محمد يدّعي علم خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته، فبلغ ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: والله لا أعلم إلّا ما علّمني الله وأن الناقة بموضع كذا. وكان قد أوحى إليه بها فوجدوها ثم، وكان قائل هذا القول زيد بن اللصيت من بني قينقاع وقيل إنه تاب بعد ذلك. وفضح الوحي قوما من المنافقين كانوا يخذلون الناس ويهوّلون عليهم أمر الروم، فتاب منهم مخشى بن جهير [٢] ودعا أن يكفر عنه بشهادة يخفي مكانه فقتل يوم اليمامة.

ولمّا انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه يحينة بن رؤبة صاحب أيلة وأهل جرباء وأذرح فصالحوا على الجزية وكتب لكل كتابا. وبعث صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك [٣] صاحب دومة الجندل من كندة كان ملكا عليها وكان نصرانيا وأخبر أنه يجده يصيد البقر، واتفق أن بقر الوحوش باتت تهدّ القصر بقرونها فنشط أكيدر لصيدها وخرج ليلا، فوافق وصوله خالدا، فأخذه وبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعفا عنه وصالحه على الجزية وردّه.

وأقام بتبوك عشرين ليلة، ثم انصرف، وكان في طريقه ماء قليل نهى أن يسبق إليه أحد، فسبق رجلان واستنفدا ما فيه فنكر عليهما ذلك، ثم وضع يده تحت وشله فصب ما شاء الله أن يصب ونضح به الوشل [٤] ودعا فجاش الماء حتى كفى العسكر.


[١] وفي نسخة اخرى: جن
[٢] وفي النسخة الباريسية: مخشى بن حمير.
[٣] وفي النسخة الباريسية: عبد الله.
[٤] وفي نسخة اخرى: ونضح بالوشل.

<<  <  ج: ص:  >  >>