للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو حَمْزَةَ الْبَغْدَادِيّ الصُّوفيّ الزّاهد.

جالس بِشْر بْن الْحَارِث، وأحمد بْن حنبل.

وصحِبَ سرِيّ السَّقَطيّ، وغيره.

وكان عارفًا بالقرآن، كثير العدْو بالثَّغْر.

حكى عَنْهُ: خير النّسّاج، ومحمد بْن عليّ الكتّانيّ، وغيرهما.

فَمَنْ كلامه: علامة الصُّوفي الصّادق أن يفتقر بعد الغنى، ويُذَلّ بعد العزّ، ويُخفى بعد الشُّهْرة، وعلامة الصَّوفيّ الكاذب أن يستغني بعد الفقر، ويُعَزّ بعد الذّلّ، ويشتهر بعد الخفى.

وقَالَ إِبْرَاهِيم بْن عليّ المؤيّديّ: سمعت أَبَا حَمْزَةَ يقول: من المُحال أن نحبّه ثُمَّ لا نذكره، ومن المُحال أن نذكره ثُمَّ لا يوجد له ذِكْر، ومن المُحال أن يوجد له ذِكْر ثُمَّ نشتغل بغيره [١] .

قَالَ أبو نُعَيْم فِي «الحلية» [٢] : حكى لي عَبْد الواحد بْن أبي بَكْر: حَدَّثَنِي محمد بْن عَبْد الْعَزِيز: سمعتُ أَبَا عَبْد الله الرمليّ يقول: تكلّم أبو حَمْزَةَ فِي جامع طَرسُوس فقتلوه. فبينما هُوَ يتكلَّم ذات يوم إذ صاح غرابٌ على سطح الجامع، فزعق أبو حَمْزَةَ: لَبَّيك لَبّيك. فنسبوه إِلَى الزَّنْدَقة وقَالَوا: حُلُوليّ زِنْديق. فشهدوا عليه، أُخرج وبيع فَرَسُهُ ونُودي عليه: هَذَا فرس الزِّنْديق.

وقَالَ أبو نصر السّراجّ صاحب اللُّمَع: بلغني عن أبي حَمْزَةَ أنّه دخل على الْحَارِث المحاسبيّ، فصاحت الشّاة: ماع. فشهق أبو حَمْزَةَ شهقة وقَالَ: لبْيك لَبَّيك يا سيّديّ.

فغضب الْحَارِث- رحمه الله. وعمدَ إِلَى السِّكّين، وقال: إن لم تتب ذبحتك.


[ () ] طبقات الصوفية للسلمي ٢٩٥- ٢٩٨ رقم ١٠، والرسالة القشيرية ٣٢، وحلية الأولياء ١/ ٣٢٠- ٣٢٢ رقم ٥٩٠، وتاريخ بغداد ١/ ٣٩٠- ٣٩٤ رقم ٣٦٤، وطبقات الحنابلة ١/ ٢٦٨، ٢٦٩ رقم ٣٨٢، والمنتظم ٥/ ٦٨، ٦٩ رقم ١٥٥ وسير أعلام النبلاء ١٣/ ١٦٥- ١٦٨ رقم ٩٩، والوافي بالوفيات ١/ ٣٤٤، ٣٤٥، والطبقات الكبرى للشعراني ١/ ١١٦، ونتائج الأفكار القدسية ١/ ١٧٧ وسيعاد برقم (١٩٠) من هذا الجزء.
[١] طبقات الصوفية ٢٩٦ رقم ١.
[٢] ج ١٠/ ٣٢١.